داود، وبرز العادل من الديار المصرية إلى بلبيس قاصدا قتال الناصر داود، فاضطرب الجيش عليه واختلفت الامراء، وقيدوا العادل واعتقلوه في خركاه، وأرسلوا إلى الصالح أيوب يستدعونه إليهم، فامتنع الناصر داود من إرساله حتى اشترط عليه أن يأخذ له دمشق وحمص وحلب بلاد الجزيرة وبلاد ديار بكر ونصف مملكة مصر، ونصف ما في الخزائن من الحواصل والأموال والجواهر. قال الصالح أيوب: فأجبت إلى ذلك مكرها، ولا تقدر على ما اشترط جميع ملوك الأرض، وسرنا فأخذته معي خائفا أن تكون هذه الكائنة من المصريين مكيدة، ولم يكن لي به حاجة، وذكر أنه كان يسكر ويخبط في الأمور ويخالف في الآراء السديدة. فلما وصل الصالح إلى المصريين ملكوه عليهم ودخل الديار المصرية سالما مؤيدا منصورا مظفرا محبورا مسرورا، فأرسل إلى الناصر داود عشرين ألف دينار فردها عليه ولم يقبلها منه. واستقر ملكه بمصر (1). وأما الملك الجواد فإنه أساء السيرة في سنجار وصادر أهلها وعسفهم، فكاتبوا بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فقصدهم - وقد خرج الجواد للصيد - فأخذ البلد بغير شئ وصار الجواد إلى عانة، ثم باعها من الخليفة بعد ذلك.
وفي ربيع الأول درس القاضي الرفيع عبد العزيز بن عبد الواحد الجيلي بالشامية البرانية.
وفي يوم الأربعاء ثالث ربيع الآخر ولي الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي خطابة جامع دمشق، وخطب الصالح إسماعيل لصاحب الروم ببلد دمشق وغيرها، لأنه حالفه على الصالح أيوب. قال أبو شامة: وفي حزيران أيام المشمش جاء مطر عظيم هدم كثيرا من الحيطان وغيرها، وكنت يومئذ بالمزة.
وممن توفي فيها من الأعيان:
صاحب حمص الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي، ولاه إياها الملك الناصر صلاح الدين بعد موت أبيه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، فمكث فيها سبعا (2) وخمسين سنة، وكان من أحسن الملوك سيرة، طهر بلاده من الخمور والمكوس والمنكرات، وهي في غاية الامن والعدل، لا يتجاسر أحد من الفرنج ولا العرب يدخل بلاده إلا أهانه غاية الإهانة، وكانت ملوك بني أيوب يتقونه لأنه يرى أنه أحق بالامر منهم، لان جده هو