حاجتها حال وقوعها، أو لأن المراد بها انشاء تمليك، ومثله لا يجري فيه الاطلاق و التقييد، أو لغير ذلك، وأما احتمال التزام الأصحاب ذلك كله فيما سمعت وغيره، فإنه يأباه ملاحظة كلماتهم.
ومن الغريب بعد ذلك كله ما وقع للكركي في المقام من أن الأصل في الوصية أن تكون نافذة، فيجب حملها على ما يقتضي النفوذ بحسب الامكان، وإنما تكون الثانية نافذة إذا كان متعلقها الثلث الذي يجوز للمريض الوصية به، فيجب حملها عليه، كما يجب حمل اطلاق بيع الشريك النصف على استحقاقه، حملا للبيع على معناه الحقيقي وحينئذ فيتحقق التضاد في مثل ما لو قال: أوصيت بثلث لزيد، وبثلث لعمرو، فيكون الثاني ناسخا للأول، فيقدم وأولى منه ما لو قال: ثلث مالي، ثم فرع عليه: أنه لو أوصى لزيد بثلث، ولعمرو بربع، ولخالد بسدس وانتفت القرائن، أن يكون الوصية الأخيرة رافعة للأول، مع اعترافه بأنه مخالف لما صرح به جميع الأصحاب، والحامل له على ذلك ما فهمه من أن اطلاق الوصية محمول على النافذة.
وأنت قد عرفت مما حققناه سابقا أن الاطلاق في الوصية وغيرها من العقود إنما يقتضي إرادة معنى ما تعلق به العقد لكن إذا صادف ذلك ما يمكن نفوذه فيه نفذ، لوجود المقتضي وارتفاع المانع، وإن لم يصادف ذلك كان عقدا موصوفا بالصحة القابلة للنفوذ وعدمه بسبب رفع المانع، أو تحقق الشرط الشرعي وعدمهما، ففي البيع إذا علقه على النصف من غير تعرض لكون المستحق له، أو المشاع بينه وبين شريكه اقتضى نقل النصف في نفسه، وله محل ينفذ فيه، باعتبار استحقاق العاقد المخاطب بالوفاء بعقده نصفا، فينفذ وينزل عليه تنزيلا شرعيا لا قصديا، بمعنى كون العاقد قد قصد ذلك وكذا ما نحن فيه، فإن الموصي إذا أوصى لزيد بثلث لم يقصد إلا تمليك الثلث في نفسه، إلا أنه لما كان يمكن تنفيذه باعتبار استحقاق الموصي ثلثا، نفذت الوصية به، فإذا أوصى بعد ذلك بثلث أيضا لم يصادف ذلك محلا ينفذ فيه، لسبق السبب الأول، وإنما صادف محلا ينفذ فيه مع الإجازة، فيتعلق حينئذ كذلك، على حسب ما صادف كما هو واضح، ولا يسمى مثله باطلا، بل هو صحيح خصوصا بعد بناء الأصحاب في المقام من