بقدر الثلث، كما في الوصية العهدية أو التمليكية التي يجب على الوراث تنفيذها، و كان مالكا كما يجب عليه وفاء الدين كذلك، إذا كانت بقدر الثلث أو أزيد مع الإجازة، ولا ريب في كون الإجازة حينئذ نحو إجازة الفضولي، وليست تنفيذا بالمعنى الذي ذكره الأصحاب الذي فرعوا عليه إجازة المفلس والسفيه ونحوهما، كما أنه لا ريب في عدم كون المراد من القول المقابل للتنفيذ أن الإجازة نفسها هبة أو عتق أو نحو ذلك، ضرورة أن الرضا بما فعله الموصي من الايصاء الشامل للعهد وغيره، ليس عقد هبة أو عقد بيع مثلا، وايقاع عتق، ولذا لم يذكر أحد مثل ذلك في الفضولي، لا على القول بالكشف، ولا على القول بالنقل، فلا بد من حمله على ما ذكرناه، وإلا كان واضح البطلان، كما أنه لا بد من تنقيح المسألة على الوجه الذي قلنا، وبه يظهر لك ما في كثير من الكلمات فلاحظ وتأمل، حتى ما ذكروه في التنجيز، وأنه في الزائد على الثلث كالوصية في البحث المزبور، والله أعلم.
ثم لا يخفى عليك أن الإجازة لا تصح من المجنون والصبي، وتصح من المفلس حال حياة الموصي، وفي الروضة في صحتها بعد موته وجهان: مبناهما على أن التركة هل تنتقل إلى الوارث؟ وبالإجازة تنقل عنه إلى الموصى له، أم تكون الإجازة كاشفة عن سبق ملكه من حين الموت، وعلى الأول لا تنفذ لتعلق حق الغرماء بالتركة قبل الإجازة، وعلى الثاني يحتمل الأمرين، وإن كان النفوذ أوجه.
لكنك خبير بأن المعروف بين الأصحاب كون الإجازة تنفيذا والمراد به الرضا بالخروج عن كونه وارثا بالنسبة إلى الموصى به، وأن مقابله ما يحكى عن العامة من كونه ابتداء هبة ومن هنا بنى المسألة في محكي التذكرة عليهما فقال: إن قلنا:
إنها هبة لم تصح، لأنه ليس له هبة ماله، وأما السفيه ففي القواعد ومحكي غيرها اطلاق المنع من إجازته، لكن قد يقال: إنه كالمفلس بالنسبة إلى ذلك، لعدم كونه مالكا في حال الحياة بل لم يتصرف في المال بعد الوفاة، وإنما رضي بعدم كونه وارثا وهو ليس تصرفا ماليا حتى يمنع منه، اللهم إلا أن يقال: إنه ممنوع مما يشمل مثل هذا التصرف لكن يأتي احتمال مثله في المفلس، ولعل ذلك هو الوجه في الأمرين