بالوصية من دون إجازة، ومن ذلك يظهر لك أنه لا وجه لتقسيم الوصية إلى التبرعية و غيرها، فتعتبر إجازة الوارث في الأولى، دون الثانية، وبعد التسليم - لظهور النصوص كما لا يخفى على من لاحظها في الحكم بالوقوف على إجازة الورثة، بمجرد اشتمال الوصية على الأزيد من الثلث، فيكون الأمر على العكس فيما ذكره الموجه، ضرورة كون مدار الحكم بذلك، حتى يعلم أن صدورها منه لسبب من الأسباب التي توجب الاخراج من الأصل عملا بظاهر ما دل على تعلق حق الوارث بالزائد عن الثلث، حتى يعلم خلافه، وأصالة النفوذ في الوصية بعد تسليمهما إنما هي حيث لا تعارض حق الغير، ومن هنا قد اشتملت جملة من النصوص قولا وفعلا على رد الوصية الزائدة عن الثلث إليه بمجرد صدورها من الموصي كذلك، ما لم يعلم سبب من أسباب التعلق بالأصل، ولو من إقراره، ولعل ذلك هو الأقوى ترجيحا لهذه الأدلة على تلك الأدلة، وإن سلم كون التعارض بينهما من وجه، كما لا يخفى على من لاحظ نصوص المقام متدبرا فيها، والله العالم.
كما أنه منها يعلم أيضا عدم اعتبار قصد الموصي الثلث في تنزيل وصيته عليه، فلو أوصى بشئ ينطبق عليه أو يقصر عنه صح، ونفذ منه وإن لم يكن قد قصد ذلك، بل و إن قصد من الأصل.
نعم لو أوصى بشئ بعد أن أوصى بالثلث مثلا مصرحا بإرادة إخراجه من الأصل كان ذلك موقوفا على الإجازة من الوارث، وإن وسعه الثلث، لأنه قد قصد إخراجه من الأصل على وجه لا يعارض ما أوصى به أولا، إلا ما يخصه من التقسيط الذي هو في الحقيقة رجوع به عن الوصية الأولى، كما لو صرح باخراجه من الوارث، وسلامة ثلثه منه، فمحل التعلق بالثلث في الفرض الوصية المقصود خروجها منه، أو المجردة عن قصد ذلك وقصد خلافه.
والوجه في الأول واضح، بل الثاني أيضا ضرورة التمكن من انفاذ الوصية فيه، ولصدور السبب من الموصي وله محل قابل للتعلق به، فيعمل عمله، إذ الأصل في الأسباب ترتب مسبباتها عليها ما لم يحصل لها معارض، واحتمال البطلان في الوصية في الفرض مناف لاطلاق أدلتها المقتضي لصحتها، كما هو واضح وربما تسمع له زيادة تحقيق انشاء