وحينئذ فتجتمع جميع النصوص على ذلك، إلا أن المتجه حينئذ عدم التقييد بالثمان أيضا، كما عساه يشهد له قول الصادق (عليه السلام) (1) " إذا بلغ الغلام عشر سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى في ماله بشئ في حق جازت وصيته " وعن الفقيه ابدال الشئ باليسير، ولعل المراد به الأقل من الثلث، على أنه مخالف للاجماع بحسب الظاهر، ولذلك أمكن إرادة التقييد به، وإن سلم كون الغالب، إلا أنه لعل الشارع لاحظ الغالب في التحديد والتقييد، الحاقا للنادر بغيره في الحكم، كما هو المعروف في قواعد الشرع وقوانينه.
وعلى كل حال فلا ريب أن الأقوى المشهور، وأما القول بالتفضيل بين الأقارب وغيرهم الذي قد يتوهم أنه أشار إليه المصنف بالتنصيص على عدم الفرق، فلم يتحقق القائل به، وإن رواه ابن مسلم في الصحيح (1) " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيته، لأولي الأرحام ولم يجز للغرباء ".
ولعل الإشارة بالتنصيص إليه، لكن لقصوره عن تقييد ما عرفت من وجوه، يمكن حمله على إرادة بيان عقله وتمييزه بذلك، بل لعل تقييد وصيته بالمعروف مشعر بذلك بناء على إرادة الراجح شرعا منه، كبناء القناطر والمساجد وصلة الأرحام ونحو ذلك، ويمكن إرادة الوصية الجائزة الجارية مجرى وصايا العقلاء، كما أومى إليه بقوله (عليه السلام) " إذا أصاب موضع الوصية " (2) بل وبقوله " حق " المراد منه ما قابل الباطل الذي هو مظنه الصبا، والله العالم.
وكذا لا تصح وصية المملوك بما في يده من الأعيان ومطلقا بناء على أنه لا يملك أصلا حتى مع إجازة السيد لخروجها عن موضع الوصية ضرورة كونها كقول مال، زيد لعمرو بعد وفاتي، بل ولا من الفضولي الذي هو الوصية عن زيد بعد وفاته، لا وفاة غيره، بل وعلى غيره للحجر عليه الشامل لهذا التصرف قطعا، ولو بملاحظة ما دل من النصوص على جواز وصية المكاتب بمقدار ما أعتق منه.