عرفا فيهما وفي غيرهما فيجري فيه حينئذ القولان، وهما الاكتفاء بالتخلية مطلقا كما هو المختار، والتفصيل بها في غير المنقول وبالنقل وما في معناه فيه بلا خلاف أجده فيه إلا ما يحكى عن القاضي منا وبعض الشافعية من غيرنا من الفرق بينهما: بأن القبض في البيع مستحق، وللمشتري المطالبة، فجاز أن يجعل بالتمكين قابضا، بخلاف الهبة فإن القبض غير مستحق فاعتبر تحققه، ولم يكتف بمطلق التخلية في المنقول وإن اكتفينا بها في البيع، وليس بشئ بعد ما عرفت من اتحاد مفهومه وعرفا، وما ذكره إنما يقتضي الفرق في حكمه لا في حقيقته.
ثم إن الظاهر تحقق التخلية من دون إذن الشريك لعدم توقف مفهومها على التصرف فيه، ولو قبضه في يده، إذ هي على ما حققنا كون الشئ تحت يده، وفي سلطانه على نحو المالك الذي لا إشكال في كون ماله مقبوضا له بمعنى كونه في قبضه، وإن كان له شريك فيه، فمتى خلى بينه وبين الموهوب على هذا الوجه تحقق القبض.
وإن كان صريح جماعة وظاهر آخرين عدم اعتبار إذن الشريك في القبض بالمعنى المزبور خلافا لما في الدروس فاعتبر إذن الشريك أيضا فيها، ووجه بأن المراد بها رفع يد المالك وتسليط القابض على العين، وذلك لا يتحقق إلا بالتصرف في مال الشريك فيعتبر إذنه ورفع المانع عن حصة خاصة مع الإشاعة لا يحصل به التسلط المقصود من القبض، وقبض جميع العين واحد لا يقبل التفرقة، ومن ثم لو كانت العين مغصوبة بيد متسلط لم تكف التخلية من الملك، وتسليطه عليها مع وجود المانع من التسليم.
وهو كما ترى وإن استحسنه في المسالك، إذ التسلط لا يتوقف على الدخول في الدار ونحوها، وفرق واضح بين الفرض وبين الغصب الرافع للتسلط العرفي، وهو المانع عن صدق كون المال تحت قبضته وسلطانه.
وبذلك كله ظهر لك أنه حينئذ لا بحث على المختار من تحقق القبض بالتخلية مطلقا، أما على التفصيل فيتحقق في المنقول بتسليم الموهوب الجميع حينئذ كما إذا كان الباقي من الحصة للواهب أو لغيره وقد أذن، فإن امتنع وكله الموهوب له على القبض عنه، فإن امتنع مثلا رفع الأمر إلى الحاكم ليقبضه بنفسه أو نائبه.