وقدم شرحبيل فقال له معاوية: هذا جرير يدعونا إلى بيعة علي. فقام شرحبيل فقال: أنت عامل أمير المؤمنين عثمان، وابن عمه وأولى الناس بالطلب بدمه وقتل من قتله. ولم ير جرير عند معاوية انقيادا له ولا مقاربة لذلك، فانصرف يائسا منه.
فلما قدم جرير على علي رضي الله تعالى عنهما أسمعه مالك بن الحرث بن الأشتر [كذا] وقال [له]: أنا أعرف غروراتك [كذا] وغشك، وأن عثمان اشترى منك دينك بولاية همدان! فخرج!! جرير فلحق بقرقيسيا، ولحق به قوم من قومه من قسر، ولم يشهد صفين من قسر غير تسعة عشر رجلا، وشهدها من أحمس سبعمأة. وأتي علي دار جرير فشعث منها وحرق مجلسه حتى قال له أبو زرعة بن عمرو بن جرير (1) أصلحك الله إن في الدار أنصباء لغير جرير. فكف [علي عليه السلام].
وقام أبو مسلم الخولاني - واسمه عبد الرحمان. ويقال: عبد الله بن مشكم - إلى معاوية فقال له: على ما تقاتل عليا وليس لك مثل سابقته وقرابته وهجرته؟! فقال معاوية: ما أقاتله وأنا ادعي في الاسلام مثل الذي ذكرت أنه له، ولكن ليدفع إلينا قتلة عثمان فنقتلهم به، فإن فعل فلا قتال بيننا وبينه، فقد يعلمون [كذا] أن عثمان [قتل] مسلما محرما. قال:
فاكتب إليه كتابا تسأله فيه أن يسلم [إليك] قتله عثمان. فكتب إليه [معاوية] فيما ذكر الكلبي عن أبي مخنف، عن أبي روق الهمداني:
بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن أبي سفيان، إلى علي بن أبي طالب.