" 461 " قالوا: ولم يمكث محمد بن أبي بكر إلا يسيرا حتى بعث إلى أولئك القوم / 405 / المعتزلين الذين كان قيس وادعهم فقال لهم: إما أن تبايعوا وتدخلوا في طاعتنا، وإما أن ترحلوا عنا. فامتنعوا وأخذوا حذرهم وكانوا له هائبين، حتى أتى خبر الحكمين فاجترؤا عليه ونابذوه، فبعث ابن جمهاز البلوي (1) إلى يزيد بن الحرث الكناني ومن قبله من أهل القرية التي كان بها، فقاتلوه فقتلوه، فبعث إليهم ابن أبي بكر رجلا من كلب فقتلوه أيضا.
وخرج معاوية بن حديج الكندي ثم السكوني فدعا إلى الطلب بدم عثمان، وذلك إن معاوية دس إليه في ذلك وكاتبه فيما يقال وأرغبه، فأجاب ابن حديج بشر كثير، وفسدت مصر على محمد بن أبي بكر، وبلغ عليا فساد أمره وانتشاره.
وكان علي قد ولي قيس بن سعد - بعد أمر النهروان - آذربيجان وولى الأشتر الجزيرة فكان مقامه بنصيبين، فقال: ما لمصر إلا أحد هذين الرجلين، فكتب إلى مالك الأشتر: " إنك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع ببأسه ونجدته نخوة الأثيم، وأسد به وبحزم رأيه الثغر المخوف ". وأخبره بأمر ابن أبي بكر، وشرحه له (2)، وأمره أن يستخلف على عمله بعض ثقاته وتقدم عليه، ففعل فولاه مصر.
وأتت معاوية عيونه بشخوص الأشتر واليا على مصر، فبعث إلى رأس أهل الخراج بالقلزم فقال له: إن الأشتر قادم عليك، فإن أنت لطفت لكفايتي إياه لم آخذ منك خراجا ما بقيت، فاحتل له بما قدرت عليه.