انساب الأشراف - البلاذري - الصفحة ٣٤٧
وأقدم أبا موسى وكان توجه إلى بعض النواحي فقدما عليه فوجههما في خيل وأقام.
" 420 " حدثنا عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده محمد بن السائب والشرقي بن القطامي قالا: سمعنا الناس يتحدثون بأن ابن عباس خلا بعلي حين أراد أن يبعث أبا موسى فقال: إني أخاف أن يخدع معاوية وعمرو أبا موسى فابعثني حكما ولا تبعته ولا تلتفت إلى قول الأشعث وغيره / 387 / ممن اختاره (1) فأبا، فلما كان من أمر أبي موسى وخديعة عمرو له ما كان قال علي: لله در ابن عباس إن كان لينظر إلى الغيب من ستر رقيق (2).

(1) هذا هو الصواب، وفي النسخة: " ولا تلتفت إلي قول الأشتر " الخ. ولا ريب انه مصحف فإن كل من له أدني إلمام بقصة صفين يعلم بأن الأشتر (ره) لم يكن له ناقة ولا جمل في اختيار أبي موسى في هذه القضية، نعم كان للأشعث وقومه ومردة القراء وضعفاء الناس - وهم جل جنده علية السلام - القدح المعلى في اختيار أبي موسى، ومنه يعلم وجه إبائه عليه السلام فإنه لو أخر أبا موسي عن الامر - وقد اختاره جل جنده - وقدم ابن عباس للحكومة، لكانت البلية مطبقة عليه وعلى خواص أصحابه من جميع الجهات.
ثم الظاهر أن ابن السائب وابن القطامي سمعوا الكلام من معطلة السوقية الذين يقولون بالحدس ورجما للغيب، وكيف يلتمس ابن عباس عن أمير المؤمنين أن يرسله حكما دون أبي موسى وقد كان حاضرا بصفين قبل كتابة العهد وتعيين الحكمين وقد رأى اصرار أمير المؤمنين على تعيينه أو الأشتر للحكومة فأبى عليه الأشعث وجهلة القراء والذين لم تكن لهم نيه في جهاد البغاة.
(2) هذا الكلام مما قرظ به ابن عباس في موارد وفي جلها غير صحيح، منها هذا المورد فإن سوق الحديث دال على أن أمير المؤمنين عليه السلام - بناء على صدق الحديث - كان جاهلا بالواقع ومزايا الأشعري وعلمه ابن عباس بالفراسة!!! وهذا باطل من وجوه منها ان علم أمير المؤمنين مأخوذ من معلم مثل النبي صلى الله عليه وسلم وكان حريصا على تعليمه بحيث أنه إذا كان حاضرا وكان يعجز عن السؤال وإدامة الاستفادة، كان هو صلى الله عليه وآله يبتدء بالإفادة، وإذا كان غائبا فمجرد حضوره واستئذانه يأذن له ويقول له: جاءني جبرئيل بعدك بكذا وكذا، وأما ابن عباس والذي علمه عن غير أمير المؤمنين عليه السلام فجله اخذه عن نعسان مثله، فإنه كان يحضر باب المهاجرين والأنصار للتعلم - مع ما في كثير منهم من القصور علما - فربما قيل له: ان صاحب البيت نائم، فكان (ره) لحرصه على التعلم وتعظيمه للمطلوب منه، يتنعس على باب البيت حتى يقوم صاحبه من منامه ويفيد له حديثا وهو نعسان!!!
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»
الفهرست