النار!!! وتنادى الحرورية: الرواح إلى الجنة معاشر المخبتين (1) وأصحاب البرانس المصلين. فشدوا على أصحاب علي شدة واحدة، فانفرقت خيل علي منفرقين: فرقة نحو الميمنة وفرقة نحو المسيرة. وأقبلوا نحو الرجالة فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل حتى كأنهم معزى يتقى المطر بقرونها، ثم عطفت الخيل عليهم من الميمنة والمسيرة، ونهض علي إليهم من القلب بالرماح والسيوف فما لبثوا أن أهمدوا في ساعة.
وقتل أبو أيوب الأنصاري زيد بن حصين الطائي. ويقال: بل قتله قيس بن سعد، واختصم هانئ بن خطاب وزيد بن خصفة التميمي في قتل عبد الله بن وهب الراسبي فادعى كل واحد منهما قتله، وقتل حنش بن ربيعة حرقوص بن زهير السعدي، وقتل عبد الله بن دجن الخولاني عبد الله بن شجرة السلمي. وكان على ميمنة الخوارج زيد بن حصين، وعلى ميسرتهم عبد الله بن شجرة.
ووقف جمرة بن سنان الأسدي في ثلاث مأة، فوقف علي بإزائه الأسود ابن يزيد المرادي في ألفين. ويقال: أقل من ذلك.
وصار شريح بن أوفى العبسي إلى جانب جدار فقاتله على ثلمته قوم من همدان مليا من النهار، وهو يرتجز ويقول:
فد علمت جارية عبسية * ناعمة في أهلها مكفية أني سأحمي ثلمتي العشية