لمن راية سوداء يخفق ظلها * إذا قيل: قدمها حضين فقدما (3) " 375 " المدائني، عن عيسى بن يزيد، قال:
لما قامت الحرب بين علي ومعاوية بصفين فتحاربوا أياما قال معاوية لعمرو بن العاص في بعض أيامهم: إن رأس الناس مع علي عبد الله بن عباس، فلو القيت إليه كتابا تعطفه به، فإنه إن قال قولا لم يخرج منه علي وقد أكلتنا هذه الحرب. فقال عمرو: إن ابن عباس أريب لا يخدع ولو طمعت فيه لطمعت في علي. قال: صدقت إنه لا ريب ولكن اكتب إليه على ذلك. فكتب إليه [عمرو]:
من عمرو بن العاص إلى عبد الله بن العباس، أما بعد فإن الذي نحن وأنتم فيه، ليس بأول أمر قاده البلاء، وساقه سفه العاقبة، وأنت رأس هذا الامر بعد علي، فانظر فيما بقي بغير ما مضي، فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولا لكم حيلة، واعلم أن الشام لا يملك إلا بهلاك العراق، وأن العراق لا يملك إلا بهلاك الشام، فما خيرنا بعد إسراعنا فيكم وما خيركم بعد إسراعكم فينا، ولست أقول: ليت الحرب عادت ولكن أقول: ليتها لم تكن، وإن فينا من يكره اللقاء كما أن فيكم من يكرهه، وإنما هو أمير مطاع (2) أو مأمور مطيع أو مشاور مأمون وهو أنت، فأما السفيه فليس بأهل أن يعد من ثقات أهل الشورى ولا خواص أهل النجوى وكتب في آخر كتابه:
طال البلاء فما يرجى له آس * بعد الاله سوى رفق ابن عباس