ثم كتب إليه معاوية كتابا آخر، فأجابه قيس عنه ولم يقاربه فيما أراد من الالتواء على علي، والطلب بدم عثمان، فكتب إليه معاوية: " يا يهودي ابن اليهودي " (1). فأجابه قيس: يا وثن ابن الوثن، دخلتم في الاسلام كارهين، وخرجتم منه طائعين ".
فلما يئس [معاوية] منه، كتم ما كتب به إليه وأظهر أن قيسا قد أجابه إلى المبايعة، ومتابعته على ما أراد، والدخول معه في أمره، فكتب على لسانه:
للأمير معاوية، من قيس بن سعد، أما بعد فإن قتل عثمان كان حدثا في الاسلام عظيما / 403 / وقد نظرت لنفسي وديني فلم أره يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا تقيا، فنستغفر الله لذنوبنا ونسأله العصمة لديننا، وقد ألقيت إليك بالسلم، وأجبتك إلى قتال قتلة إمام الهدى المظلوم.
فشاع في الناس ان قيسا قد صالح معاوية وسالمه، وسار به الركبان إلى العراق، وبلغ ذلك عليا، فاستشار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في أمره فأشار عليه بعزله، فإنه ليروي في ذلك ويصدق بما بلغه مرة، ويكذب أخرى حتى ورد عليه كتاب من قيس بخبر الكناني وأهل القرية التي هو فيها، وبخبر ابن مخلد، وما رأى من متاركتهم والكف عنهم. فقال له ابن جعفر: مره يا أمير المؤمنين بقتالهم لتعرف حاله في مواطاة القوم على