وبلغ عليا مقتل [محمد] ابن أبي بكر، فخطب الناس فقال: " ألا إن محمد ابن أبي بكر رحمه الله [قد] قتل، وتغلب ابن النابغة - يعني عمرو بن العاص - على مصر، فعند الله نحتسب محمدا، فقد كان ممن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ". فتكلم بكلام كثير وبخ فيه أصحابه واستبطائهم وقال لهم:
دعوتكم إلى غياث أصحابكم بمصر مذ بضع وخمسون ليلة فجرجرتم جرجرة البعير الأسر، وتثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليست له نية في الجهاد ولا اكتساب الاجر في المعاد، ثم خرج إليه منكم جنيد ضعيف " كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون " [6 / الأنفال] (1).
وقيل لعلي: لشد ما جزعت على ابن أبي بكر؟! فقال: رحم الله محمدا انه كان غلاما حدثا، ولقد أردت تولية مصر، هاشم (2) بن عتبة ولو وليته إياها ما خلالهم العرصة بلا ذم لمحمد، فقد كان لي ربيبا وكان [من] ابني أخي جعفر أخا، وكنت أعده ولدا.