أما بعد فإن الله اصطفى محمدا بعلمه، وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، ثم اجتبى له من المسلمين أعوانا أيده بهم فكانوا في المنازل عنده على قدر فضائلهم في الاسلام، وكان أنصحهم لله ورسوله خليفته ثم خليفة خليفته ثم الخليفة الثالث المقتول ظلما عثمان، فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت، عرفنا ذلك في نظرك الشزر، وقولك الهجر، وتنفسك الصعداء، وإبطائك عن الخلفاء، في كل ذلك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش (1)، ولم تكن لأحد منهم أشد حسدا منك لابن عمتك، وكان أحقهم أن لا تفعل به ذلك لقرابته وفضله، فقطعت رحمه وقبحت حسنه وأظهرت له العداوة وبطنت له بالغش وألبت الناس عليه حتى ضربت آباط الإبل إليه من كل وجه، وقيدت [إليه] الخيل من كل أفق، وشهر عليه السلاح في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل معك في المحلة وأنت تسمع الهائعة (2)، لا تدرأ عنه بقول ولا فعل، ولعمري يا بن أبي طالب لو قمت في حقه مقاما [واحدا] تنهى الناس فيه عنه، وتقبح لهم ما ابتهلوا منه (3) ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، ولمحى ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانية له والبغي عليه [ظ]. وأخرى أنت بها عند أولياء ابن عفان ظنينا (4) إيواؤك قتلته فهم عضدك ويدك وأنصارك، وقد بلغني أنك تتنصل من دم عثمان وتتبرأ منه، فإن كنت صادقا فادفع إلينا قتلته [كي] نقتلهم به، ثم نحن أسرع الناس إليك، وإلا فليس بيننا وبينك إلا السيف، والذي لا إله غيره لنطلبن قتلة عثمان في الجبال والرمال والبر والبحر حتى نقتلهم أو تلحق أرواحنا بالله والسلام.
(٢٧٨)