دخلوا عليه فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا، فأقبلوا به نحو الفسطاط، ووثب أخوه عبد الرحمان ابن أبي بكر إلى عمرو وكان معه فقال: أيقتل أخي صبرا؟ ابعث إلى ابن حديج فانهه عن قتله. فبعث إليه عمرو أن يأتيه بمحمد ابن أبي بكر، فقال: قتلتم كنانة بن بشر وهو ابن عمي وأخلي عن محمد، هيهات هيهات.
واستسقي محمد [ابن أبي بكر] ماءا فقال له ابن حديج: منعتم عثمان أن يشرب حتى قتلتموه صائما فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنك ظمآن حتى يلقاك الله بالحميم والغساق. فقال له: ليس هذا إليك لا أم لك، أما والله لو أن سيفي في يدي ما بلغتم بي هذا - وكان ألقى سيفه ليختلط بالناس فلا يعرف / 407 / - فقال معاوية بن حديج: إني قاتلك بعثمان الخليفة المظلوم. فقال محمد: إن عثمان عمل بالجور وترك حكم الكتاب فنقمنا ذلك عليه. فقدمه فقتله وجعله في جوف حمار وحرقه بالنار.
فلما بلغ ذلك عائشة - رضي الله تعالى عنها - جزعت عليه وقبضت عياله وولده إليها، ولم تأكل مذ ذاك شواءا حتى توفيت، ولم تعثر قط إلا قالت: تعس معاوية بن حديج.
وفي بعض رواية الواقدي: ان كنانة بن بشر قتل يوم الدار.
وذلك باطل.
" 465 " قالوا: وكتب عمرو بن العاص إلى معاوية ابن أبي سفيان: " إنا لقينا محمد بن أبي بكر، وكنانة بن بشر وهما في جموع أهل مصر، فدعوناهم إلى الهدي والتنبه فغمطوا الحق وتهوكوا في الضلال فجاهدناهم واستنصرنا الله عليهم فضرب الله وجوههم وأدبارهم ومنحنا أكتافهم [ظ] فقتل الله محمد ابن أبي بكر، وكنانة بن بشر، وأماثل من كان معهما والحمد لله رب العالمين والسلام ".