وجوههم ونصرنا عليهم، فأما من كان منهم مسلما فمننا عليه وأخذنا بيعته وقبضنا صدقة ماله، وأما من ارتد فإنا عرضنا عليه الاسلام فأسلموا إلا رجلا واحدا فقتلناه، وأما النصارى فإنا سبيناهم وأقبلنا بهم ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذمة، كيلا يمنعوا الجزية ويجترؤا على قتال أهل القبلة.
وكان مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملا على أردشير خرة من فارس، فمر بهم عليه وهم خمسمأة إنسان فصاحوا إيه يا [أ] با الفضل يا فكاك العناة وحمال الأثقال وغياث المعصبين امنن علينا وافتدنا فأعتقنا - وكانت كنية ومصقلة أبو الفضيل ولكنهم كرهوا تصغيرها - فوجه مصقلة إلى معقل بن قيس من يسأل بيعهم منه، فسامه معقل بهم (1) ألف ألف درهم، فلم يزل يراوضه وتستنقصه حتى سلمهم إليه / 411 / بخمسمأة ألف درهم، ويقال:
بأربعمأة ألف درهم ودفعهم إليه، فلما صاروا إلى مصقلة قال له معقل: علي بالمال. فقال: أنا باعث منه في وقتي هذا بصدر ثم متبعه صدرا حتى لا يبقى علي شئ منه.
وقدم معقل على علي فأخبره الخبر، فصوبه فيما صنع، وامتنع مصقلة من البعثة بشئ من المال وكسره وخلى سبيل الأسرى فكتب علي في حمله وأنفذ الكتاب مع أبي حرة الحنفي وأمره بأخذه بحمل ذلك المال فإن لم يفعل أشخصه إلى ابن عباس ليأخذه به، لأنه كان عامله على البصرة والأهواز وفارس، والمتولي لحمل ما في هذه النواحي من الأموال إليه، فلم يدفع إليه من المال شيئا، فأشخصه إلى البصرة، فلما وردها قيل له: إنك لو حملت هذا الشئ قومك لاحتملوه، فأبى أن يكلفهم إياه، ودافع ابن عباس به، وقال: أما والله لو أني سألت ابن عفان أكثر منه لوهب لي، وقد كان أطعم الأشعث خراج آذربيجان.