هذا ما عهد عبد الله علي أمير المؤمنين، إلى محمد بن أبي بكر، حين ولاه مصر، أمره بتقوى الله وطاعته في خاص أمره وعامه سره وعلانيته، وخوف الله ومراقبته في المغيب والمشهد، وباللين للمسلم والغلظة على الفاجر، وانصاف المظلوم والتشديد على الظالم، والعفو عن الناس والاحسان [إليهم] ما استطاع فإن الله يجزي المحسنين، ويثيب المصلحين.
وأمره أن يجبي خراج الأرض على ما كان يجبي عليه من قبل، ولا ينقص منه ولا يبتدع فيه.
وأمره أن يلين حجابه ويفتح بابه، ويواسي بين الناس في مجلسه ووجهه ونظره، وأن يحكم بالعدل ويقيم القسط ولا يتبع الهوى ولا يأخذه في الله لومة لائم.
وكتب عبيد الله بن أبي رافع (1).
" 460 " قالوا: وكتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية: " من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر - وبعضهم يقول: العاوي. والغاوي أثبت. - سلام على أهل طاعة الله ممن هو سلم لأهل ولاية الله.
أما بعد فإن الله بجلالة وقدرته وعظمته خلق خلقا بلا ضعف كان منه ولا حاجة به إلى خلقه، ولكنه خلقهم عبيدا وجعل منهم شقيا وسعيدا وغويا ورشيدا، ثم اختارهم بعلمه واصطفاهم بقدرته فانتحل [أو: فأنخل] منهم وانتجب محمدا صلى الله عليه وسلم فبعثه رسولا وهاديا ودليلا / 404 / ونذيرا وبشيرا وسراجا منيرا، فدعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أول