الخوارج تقول - وهو على المنبر -: قبلت الدنية بالقضية، وجزعت عن البلية [ظ] لا حكم إلا لله. فيقول: حكم الله انتظر فيكم. فيقولون: لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. فيقول علي: " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ".
" 426 " حدثني بكر بن الهيثم، حدثنا أبو الحكم العبدي، عن معمر، عن الزهري قال: أنكرت الحكومة على علي طائفة من أصحابه قدمت إلى بلدانها من صفين، وانحاز منهم اثنا عشر ألفا - ويقال ستة آلاف إلى موضع يقال له، حروراء بناحية الكوفة فبعث إليهم علي ابن عباس وصعصعة، فوعظهم صعصعة وحاجهم ابن عباس فرجع منهم ألفان وبقي الآخرون على حالهم حينا، ثم دخلوا الكوفة، فلما انقضت المدة في القضية وأراد علي توجيه أبي موسى أتاه حرقوص بن زهير التميمي وزيد بن حصين الطائي وزرعة بن البرج الطائي في جماعة من الحرورية، فقالوا: إتق الله وسر إلى عدوك وعدونا، وتب إلى الله من الخطيئة، وارجع عن القضية. فقال علي: أما عدوكم فإني أردتكم على قتالهم وأنتم في دارهم فتواكلتم ووهنتم وأصابكم ألم الجراح فجزعتم وعصيتموني، وأما القضية فليست بذنب ولكنها تقصير وعجز أتيتموه وأنا له كاره، وأنا أستغفر الله من كل ذنب. فقال له زرعة:
والله لئن لم تدع التحكيم في أمر الله لأجاهدنك. فقال له على: بؤسا لك ما أشقاك، كأني أنظر إليك غدا صريعا تسفى عليك الرياح. قال وددب ذلك قد كان. فانصرفوا وهم يظهرون التحكيم ويدخلون الكوفة، فإذا صلى علي وخطب حكموا فيقول علي: كلمة حق يعتزى بها باطل.
وبلغ يزيد بن عاصم المحاربي قول علي لزرعة بن البرج، فأتاه فقال:
يا علي أتخوفنا بالقتل، إنا لنرجو أن نضربكم بها عن قليل غير مصفحات، ثم تعلم أينا أولى بها صليا، اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنية في دينك فإنها ادهان وذل.