والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، وبأعمال الظن، أعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله (1).
قالوا: وزحف علي بن أبي طالب بالناس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وعلى ميمنته مالك بن الحارث الأشتر النخعي، وعلى ميسرته عمار بن ياسر العنسي وعلى الرجال أبو قتادة النعمان بن ربعي الأنصاري وأعطى رايته ابنه محمدا - وهو ابن الحنفية - ثم واقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر، يدعوهم ويناشدهم ويقول لعائشة:
إن الله أمرك أن تقري في بيتك فاتقي الله وارجعي، ويقول لطلحة والزبير:
خبأتما نسا [ء] كما وأبرزتما زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفززتماها؟!! فيقولان:
إنما جئنا للطلب بدم عثمان، وأن ترد الامر شورى.
وكان [على] ميمنة أصحاب الجمل الأزد، وعليهم صبرة بن شيمان، وعلى ميسرتهم تميم وضبة والرباب، وعليهم هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو ابن عدس.
وأتي بالجمل فأبرز وعليه عائشة في هودجها وقد ألبست درعا، وضربت على هودجها صفائح الحديد. ويقال: إن الهودج البس دروعا. فخطبت عائشة الناس فقالت: إنا كنا نقمنا على عثمان رحمة الله ضرب السيوط، وإمرة بني أمية وموقع السحابة المحماة، وانكم استعتبتموه فأعتبكم من ذلك كله، فلما مصتموه كما يماص الثوب الرحيض عدوتم عليه فركبتم منه الفقر الثلاث (1):