أنه لا كلام عند الأصحاب في عدم الرجوع إلى التيمم عند إفراط الحر، بل يجب عليه الوضوء وإن حصل الجفاف، ولعله للاستصحاب في بعض الأحوال ولعدم شمول أدلة التيمم لنحو المقام.
ثم إنه قد عرفت أن الظاهر من عبارات الأصحاب كما لا يخفى على من أعطى النظر حقه فيها وفيما اشتملت عليه من لفظ المقدار ونحوه أن الموالاة بمعنى مراعاة الجفاف إنما هو تقدير زماني لجواز التفريق، بمعنى أنه للمكلف التأخير هذا المقدار، فلا مدخلية لبقاء البلل وذهابه، ولذا كان لا يجب عليه تطلب المكان أو إكثار الماء لأجل حفظ البلل حيث يكون الحر مفرطا، لمكان كون المدار على الزمان لا على بقاء البلل، إلا أن هذا التقدير لما كان يختلف بالنسبة إلى إفراد الحر والبرد أرادوا بيان ذلك، فقدروا بالزمان المعتدل، فافراط الحر يقدر فيه الاعتدال كافراط البرد، والمراد بالاعتدال على حسب ما ذكرنا، وإلا لو أريد بالموالاة بمعنى مراعاة الجفاف بقاء البلل حسا من غير مدخلية للزمان فهو مع منافاته لاستصحاب الصحة لا دليل عليه، كما أنه لا دليل على التقدير عند إفراط الحر، بل ينبغي القول بالرجوع إلى التيمم أو بسقوط هذا الشرط في مثل هذا الحال، فلا يقدح التأخير حينئذ يوما أو أياما، إذ لا دليل على التقدير بعد فهمهم من الأدلة وجود البلل حسا، بل لا معنى له، إذ كما يزول بنفسه يزول بتجفيف مجفف ونحو ذلك، فتأمل جيدا.
ثم إنه بعد البناء على هذا الزمان لا نشترط في إفراط الحر مثلا التتابع الحقيقي، بل له التأخير زمانا بحيث لو كان الزمان على الغالب لم يجف فيه الوضوء، فما عساه يظهر من صاحب المدارك وبعض من تأخر عنه اشتراط ذلك لا يخلو من نظر، قال فيها:
" لو والى فاتفق الجفاف أو التجفيف لم يقدح ذلك في صحة الوضوء، لأن مورد الأخبار المتضمنة للبطلان مع الجفاف باعتبار التفريق، كما يدل عليه قوله (عليه السلام) في صحيحة