عبد الحميد بن أبي العلاء قال: " سئل الحسن بن علي (عليهما السلام) ما حد الغائط؟ قال:
لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها " وهما كما ترى قد تضمنا حكم الاستدبار مع حكم الغائط، والقول بأنهما لم يدلا على حكم الاستدبار بالنسبة للبول يدفعه ظهور أن المراد بحد الغائط التخلي، كالقول إنما كره الاستقبال بالغائط من جهة أن الغالب حصول البول حال الغائط، فتحقق الكراهة بالنسبة للبول، وإلا لو فرضنا غائطا لا بول معه فلا كراهة، كما يؤيده تحقق سبب الكراهة في استقبال الريح بالبول دون الغائط، وهو خوف الرد ونجاسة الثوب والبدن، إذ هو اجتهاد بحت في مقابلة النص، مع عدم إشارة إلى هذا التعليل في الأخبار، نعم نقل عن علل محمد بن علي بن إبراهيم ابن هاشم (1) " ولا يستقبل الريح لعلتين، أحدهما أن الريح ترد البول فيصيب الثوب ولم يعلم ذلك، إلى أن قال: والعلة الثانية أن مع الريح ملكا، فلا يستقبل بالعورة " انتهى. وهو مع ذكره للعلة الثانية مراده بالتعليل الحكمة، فقد يكون حينئذ يكره التغوط مطلقا، لأن الغالب أن يكون معه بول، فيرد على الثوب ونحوه، فلا ريب أن الأقوى كراهة استقبال الريح مطلقا، ولذا لم يقيده به في اللمعة، بل قال: واستقبال الريح، بل الأولى كراهة الاستدبار أيضا فيهما كما صرح به في الروضة، بل ربما كان ظاهر غيرها أيضا عملا بما سمعته من الأخبار السالمة عن المعارض، وما ذكرناه من رواية الخصال لا تقتضي التقييد، ولو لم يكن الحكم مكروها لكان متابعة الأصحاب لازمة، لأن الظاهر منهم الاعراض عن ظاهر الخبرين المتقدمين، مع أنه لا يخلو كلامهم من وجه أيضا، فتأمل.
(والبول) دون غيره (في الأرض الصلبة) وما في معناها مما ينافي الأمر بالتوقي من البول الموجود في عدة من الأخبار، خصوصا ما عن الصادق