يوال فيه خلاف، وأيضا فقد ثبت أنه مأمور بايقاع الوضوء في كل عضو عضو، والأمر يقتضي الفور، وترك الموالاة ينافيه، وعليه إجماع الفرقة " انتهى. وهو غير صريح في إرادة الاجماع على شرطية المتابعة، على أنه إن أراد ذلك كان من المتبين خطاؤه، لما عرفت أنه كاد يكون الاجماع على خلاف ذلك.
وبما سمعت من الأدلة يستدل على القول بالوجوب التعبدي كما وقع للمصنف والعلامة، لكن قد عرفت ما فيها، ومن العجيب استدلالهم بها على ذلك مع قضاء بعضها الشرطية، كما أنه من العجيب الاستدلال بها على الشرطية مع قضاء بعضها الوجوب الشرعي.
وبذلك كله يتضح لك الدعوى الثانية من المختار أنه لا إثم في ترك المتابعة ولا بطلان، بل صحيح معاوية بن عمار (1) وموثق أبي بصير (2) ظاهران في عدم الإثم، وإلا لو كانت المتابعة واجبة شرعا لوجب عليه المسارعة، لا استدعاء الجارية ولا انتظارها حتى جف وضوؤه، وأيضا إطلاق الحاجة في موثق أبي بصير مع أنه قد تكون ضرورية وقد تكون غيرها مما كاد أن يكون كالصريح في أن المدار في صحة الوضوء على مراعاة الجفاف، وأنه لا إثم بالتأخير ولا بطلان، وكأن سبب الوهم هنا حتى قيل بالوجوب الشرعي إطلاق لفظ الوجوب وقولهم لا يجوز ونحو ذلك، إلا أن الظاهر إرادة حصول البطلان للوضوء به لا الوجوب الشرعي كما في غيره من الأجزاء والشرائط، ومن هنا يظهر لك أنه لا إثم عليه لو أخر حتى جف وإن بطل وضوؤه، كما عن الروض حكايته عنهم لما عرفت، مع أصالة البراءة السالمة عن المعارض سوى ما يقال من النهي عن إبطال العمل، والأخذ باطلاقه في الأعمال المستحبة والواجبة يقضي إلى مخالفة المقطوع به من الشريعة، بل الظاهر أن ذلك مخصوص في الصلاة خاصة، بل قد يدعى أن المراد منه النهي عن إبطال العمل بالكفر ونحوه، وحرمة القطع في الصلاة من دليل