وما قيل من الجمع بينهما بالفرق فيها بين الوضوء والغسل فيجري حكم الجبيرة في الأول دون الثاني واضح الفساد، أما أولا فلاشتمال بعض أخبار الجبائر على الوضوء وغسل الجنابة والجمعة فضلا عما فيها من الاطلاق، وأما ثانيا فللإجماع المنقول في المنتهى وغيره على عدم الفرق في ذلك بين الطهارتين، ونحوه في الفساد احتمال الجمع بينهما كما في تيمم كشف اللثام بالتخيير بينه وبين التيمم، وذلك - لأنه - مع عدم الشاهد عليه - من المعلوم الذي لا خفاء فيه على من له أدنى ملاحظة لأخبار التيمم أن التيمم من الطهارات الاضطرارية لا يشرع إلا عند تعذر المائية، وكيف وهو بدل عنها كما هو واضح، ونحوهما الفرق بين المستوعب وغيره كما قد عرفت، نعم قد يتجه في الاستيعاب لجميع الأعضاء ولجميع البدن، لحصول الشك في مثل هذا الوضوء والغسل، سيما الثاني مع القول وجوب وضع شئ على المكشوف، فإنه في كل آن يتمكن من وضع لحاف ونحوه ثم المسح عليه، من إطلاق الأخبار بالرجوع إلى التيمم، فتأمل جيدا. على أن الذي يظهر من ملاحظة تلك الأخبار أن الأمر فيها بالتيمم لمكان التضرر بالغسل بالبرد ونحوه، والله أعلم.
(وإذا زال العذر) الذي كان سببا في سواغ المسح على الجبيرة فلا يعيد الصلاة إجماعا كما في المنتهى وغيره، و (استأنف الطهارة) للمتجدد من الصلاة كما عن المبسوط ومال إليه في المعتبر، وتبعه بعض متأخري المتأخرين، (على تردد) كما هو ظاهر المنتهى والتذكرة ينشأ من أنها طهارة اضطرارية، والضرورة تقدر بقدرها، كانتقاض التيمم برؤية الماء ونحوه، ولأنه يجب عليه الصلاة بطهارة يجب فيه الغسل وقد تمكن منه، ومن أنه مأمور والأمر يقتضي الاجزاء، ولاطلاق ما دل على الاجتزاء بالمسح عليها، ولارتفاع حدثه فلا يعود وللاستصحاب، والحمل على التيمم قياس لا نقول به، والمراد بتقدر الضرورة قدرها على عدم فعل الوضوء كذلك مع عدمها، لا بقاء أثره، والأخير مصادرة، ولذا كان الأقوى عدم الإعادة كما تقدم البحث فيه مفصلا سابقا في المسح للتقية والضرورة، بل الظاهر أنه لا يعيد وإن ارتفعت في أثناء الوضوء بعد المسح عليها