بالظهر، فيجزئ غسل شئ منه ابتداءا، مع احتمال أن يراد الابتداء بغسل تمام الظهر كما يقضي به لفظ الظهر، إلا إن الأول أقوى، للصدق العرفي، مع استبعاد حصول الغسل لتمام الظهر من دون غسل شئ من الباطن، اللهم إلا أن لا يقصد بالغسل المقارن له أنه المراد منه شرعا، لكن عمل العلماء في سائر الأعصار والأمصار على خلافه.
(و) من السنن (أن يكون الوضوء بمد) بلا خلاف أجده فيه، بل حكي عليه جماعة الاجماع، فلا إشكال في عدم وجوبه كما ينقل عن بعض العامة، كما أنه لا إشكال في رجحانه لما عرفت، وللأخبار المستفيضة المشتمل جملة منها على أنه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ بمد ويغتسل بصاع، وفي المرسل (1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الوضوء مد، والغسل صاع، وسيأتي أقوام بعدي يستقلون ذلك، فأولئك على خلاف سنتي، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس " وفي خبر سليمان بن حفص المروزي (2) قال: " قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام):
الغسل بصاع من ماء، والوضوء بمد من ماء " والمراد بالمد مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف على الظاهر، ونسبه في الذكرى إلى الأصحاب، لأن المد رطل ونصف بالمدني، فيكون رطلين وربعا بالعراقي، والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما على المشهور كما قيل، وما في بعض الأخبار (3) أن المد مائتان وثمانون درهما، وقد أفتى به بعض القدماء كما عن الصدوق (رحمه الله) ضعيف، كاشتمالها على كون الصاع خمسة أمداد مع أن الظاهر أنه أربعة أمداد، ويأتي تحقيقه إن شاء الله في زكاة الفطرة، وقال الشهيد في الذكرى: هذا المد لا يكاد يبلغه الوضوء، فيمكن أن يدخل فيه ماء الاستنجاء، لما تضمنته رواية ابن كثير عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (4) حيث قال: أتوضأ للصلاة