جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء " بل الظاهر أن الشرط فيها خارج مخرج الغالب من القيام بعد الوضوء والاشتغال بأمور أخر، ونحوه يجري في سائر عبارات الأصحاب المتقدمة، على أنه قد لا يتمكن المكلف من القيام، بل ربما كان حال قعوده يشتغل بالصلاة وغيرها من الأمور، مع أنه ربما يكون الوضوء في غير حال القعود، وإلى غير ذلك من الوجوه التي منها تضعف بها.
وأما ما في موثقة ابن أبي يعفور عن الصادق (عليه السلام) (1) " إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه " بناء على رجوع الضمير فيه إلى الوضوء، فإنه قد يراد بالغير ما يشمل حال المكلف بعد الفراغ، كما يشعر به قوله (عليه السلام): (إنما الشك في شئ لم تجزه) إذ لا ريب في صدق الجواز مع الفراغ منه وإن لم يقم عن محل الوضوء، فظهر لك بذلك أن ما اختاره بعض المتأخرين من اعتبار القيام عن محل الوضوء في عدم الالتفات إلى الشك في غيره لا يخلو من نظر بل منع، وكذا ما اختاره بعضهم من اعتبار الانتقال عن المحل ولو تقديرا كطول الجلوس ونحوه.
نعم يبقى الاشكال في أن المدار في تحقق الفراغ حصول اليقين بالفراغ آنا ما أو عدم رؤية المكلف نفسه غير متشاغل به مع سبق الشروع فيه أو يفرق بين الجزء الأخير وغيره فيعتبر الانتقال عن المحل أو ما في حكمه كطول الجلوس في الأول دون الثاني وجوه بل أقوال، والتحقيق أنه لا ريب في تحقق الفراغ بمشغولية المكلف بفعل آخر وانتقاله إلى حالة أخرى ولو بطول الجلوس ونحوه وإن لم يسبق له يقين بالفراغ، وكذا مع عدم انتقاله إلى حال آخر وقد سبق له اليقين بحصول الفراغ، وأما إذا لم ينتقل ولم يحصل له اليقين فالظاهر عدم تحقق الفراغ فيجب عليه إعادة المشكوك من غير فرق في المقامين بين الجزء الأخير وغيره، فما وقع في كشف اللثام من الفرق بينهما باعتبار الانتقال