فيجوز الاستنجاء به حينئذ، لما تقدم من جوازه بكل جسم، بل قد يشعر بذلك ما في خبر ليث، حيث سأله عن البعر، فعدل عنه في الجواب وعبر بالروث، ولفظ البعر في المنقول عن دعائم الاسلام محمول على الروث، لعدم الجابر له على إطلاقه، كلفظ الرجيع في رواية الخلاف المصرح بأنه الروث في القاموس والصحاح، على أنها عامية، والتعليل بكونه طعام الجن يحتمل أن يكون لخوف الظلم والأذية لهم، أو يكون من جهة الشرفية الحاصلة له، فيحرم الاستنجاء به، وإن لم يتنجس على الثاني، بخلاف الأول لعدم تنجسه، لكن لا مانع من جعل وجه التعليل الأمرين معا، ولا فرق في العظم بين عظم مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، ودعوى أن الجن حكمهم متفق مع الإنس، فكما أن غير مأكول اللحم محرم على الإنس، فكذلك الجن يدفعها عدم معلومية الاتفاق أولا، وعدم معلومية كيفية تغذيهم به هل هو على طريق الشم أو غيره ثانيا، ثم إنه يفهم من التعليل جريان الحكم بالنسبة إلى مطلق التنجيس والتقذير والالقاء في الخلوات ونحو ذلك، لكن لما لم يجبره عمل الأصحاب بقي على أصل الإباحة، إذ الظاهر منهم قصر الحكم على الاستنجائية.
(ولا المطعوم) كما ذكره جماعة من أصحابنا، بل نسبه في المنتهى إلى علمائنا، كما عن ظاهر الغنية والروض الاجماع عليه، بل ربما ظهر من غيرهما ذلك، وهو الحجة، مضافا إلى ما تقدم في خبر الدعائم، وفحوى النهي عن الروث والعظم لكونه من طعام الجن، مع ما دل من الأخبار على احترامه، كخبر الثرثار (1) فإنه روي " أنهم جعلوا من طعامهم شبه السبائك ينجون صبيانهم، فغضب الله عليهم حتى أحوجهم إلى تلك السبائك، فقسموها بينهم بالوزن " وعن تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى (2)