مجرد رخصة في صرف هذا المقدار من الماء للوضوء في التعريض للرد على العامة الذي يحتاجون في وضوئهم إلى أزيد من ذلك، للنهي عن السرف في ماء الوضوء، والظاهر أن له صرف المد في الواجب من الوضوء حيث لا سرف عرفا، كما إذا احتاج ذلك لشدة حر ونحوه.
ولما فرغ المصنف من ذكر المسنونات في الطهارة شرع في ذكر المكروهات، فقال: (ويكره أن يستعين في طهارته) كما في المبسوط والمعتبر والنافع والمنتهى والإرشاد والقواعد والدروس وغيرها، بل لا أجد فيه خلافا من أحد سوى ما يظهر من صاحب المدارك من التوقف في هذا الحكم، لمكان ضعف دليله، وهو ضعيف مبني على أصله من عدم التسامح في أدلة السنن، وعدم الانجبار بالشهرة، بل في المدارك أنه المعروف بين الأصحاب، لخبر الوشا (1) قال: " دخلت على الرضا (عليه السلام) وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ للصلاة، فدنوت منه لأصب عليه، فأبى ذلك، فقال: مه؟؟
يا حسن، فقلت لم تنهاني؟ أتكره أن أوجر؟ قال: توجر أنت وأوزر أنا، فقلت:
وكيف ذلك؟ فقال: أما سمعت الله يقول: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة، وهي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحد " وللمرسل في الفقيه (2) قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه، فقيل يا أمير المؤمنين (عليه السلام) لم لم تدعهم يصبون عليك الماء؟ فقال: لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا " وقرأ الآية. والمروي عن الخصال عن السكوني عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) (3) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد، وضوئي فإنه من صلاتي، وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل، فإنها تقع في يد الرحمان " وعن إرشاد