في الغير مع الشك في بعض الأجزاء قبل الفراغ منه في غاية الضعف، إذ لفظ الشئ ليس من الألفاظ المجملة التي هي محل شك، فإنه لا يرتاب أحد في صدقه على من شك في غسل بعض رأسه مع الدخول في الجانب الأيمن أو الأيسر بالنسبة إلى الأيمن أنه شك في شئ وقد دخل في غيره، وخروج الوضوء عن ذلك لا يقتضي بخروج الغسل، إذ هو قياس لا نقول به، اللهم إلا أن يكون مستنده ما سمعته من موثقة ابن أبي يعفور المتقدمة بعد حمل الضمير فيها على الوضوء، لاشتمالها حينئذ على التعليل الجاري في الوضوء والغسل، وهو شك في شك، مع اعترافه هو باجماله، فتأمل جيدا.
ثم إنه لا فرق بحسب الظاهر بين جميع أفعال الوضوء من النية وغيرها كما نص عليه بعضهم، للأصل، وإطلاق ما سمعته من الاجماعات المنقولة، فلا يقدح عدم صراحة الصحيح المتقدم لشموله، ولعل ذلك هو مراد بعضهم كالشيخ في المبسوط والشهيد في اللمعة بقوله: إن شك في الوضوء في أثنائه أو في شئ منه وجب إعادة الوضوء في الأول وتلافي المشكوك فيه في الثاني إن لم يحصل الجفاف، إذ لا يتصور الشك في الوضوء في أثنائه بغير ما ذكرنا، وكذلك الشك في الترتيب وحصول الموالاة وغيرهما، وإن وافق فعل بعضها الأصل كما في بعض صور الموالاة، ولعل الظاهر أيضا أنه كالشك في الفعل وعدمه الشك في الصحة والفساد، لأنه في الحقيقة شك في الفعل وعدمه، وأما الشك في الشرائط الخارجة عن حقيقة الوضوء كالشك في تطهير أعضاء الوضوء وتطهر مائه ونحوهما فقد يظهر من ملاحظة بعض عبارات الأصحاب أنها كالشك في الأفعال، فيجب تلافيها، لكن إقامة الدليل على ذلك مشكلة بعد البناء على شمول قاعدة عدم الالتفات للمشكوك مع الدخول في غيره لنحو الشرائط، فإن دعوى تخصيصها بصحيحة زرارة المتقدمة ضعيفة، لعدم شمولها لنحوه، والتنقيح ممنوع، لعدم المنقح من إجماع أو عقل، وعدم ظهور الاجماعات المنقولة في تناول مثله، اللهم إلا أن يقال: إن ذلك