يتفاوت بين الكافر والمسلم، فالتحقيق أنه يجب التستر عنهم، كما أنه يجب التستر عليهم، ويحرم النظر إليهم، كما أنه يحرم النظر منهم، والله أعلم. وقد ذكرنا في باب الصلاة تحقيق أن العورة هي القبل والدبر مع زيادة الأنثيين في الرجل وحكم الخنثى المشكل والممسوح، فلاحظ وتأمل. وليعلم أنه لا إشكال في وجوب التستر مع العلم بالناظر، ويقوى إلحاق الظن، وفي الشك وجهان، ولعل في الأمر بالمئزر وعند دخول الحمام، والمحاذرة على العورة عند الغسل، وما ورد في تفسير حفظ الفروج إشارة إلى ذلك، وأما الوهم فالأقوى العدم، بل ينبغي القطع به في الضعيف، وهل حرمة النظر كوجوب التستر أولا؟ الأقوى الأول، وقد يشير إليه قوله (عليه السلام): (وغض بصرك) فتأمل جيدا.
(ويستحب فيه ستر البدن) أي استتار الشخص نفسه عند إرادة التخلي، إما بأن يبعد المذهب، أو يلج في حفيرة، أو يدخل بناء، لقول الصادق (عليه السلام) (1) في خبر حماد بن عيسى قال: " قال: لقمان لابنه يا بني إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم، إلى أن قال: وإن أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض " وعنه (عليه السلام) أيضا (2) قال: (ما أوتي لقمان الحكمة لحسب ولا مال ولا جمال، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا ساكنا سكيتا، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال، لشدة تستره وتحفظه في أمره، إلى أن قال: وبذلك أوتي الحكمة ومنح العطية " وعن النبي (صلى الله عليه وآله) (3) " أنه لم ير على بول ولا غائط " وعنه (عليه السلام) أيضا (4) أنه (من أتى الغائط فليستتر) وعن كشف الغمة (5) عن جنيد بن عبد الله في حديث قال: (نزلنا النهروان، فبرزت عن الصفوف، وركزت رمحي، ووضعت ترسي إليه، واستترت من الشمس، وإني