خارجي، ومن العجيب ما في الدروس بعد اختياره أن الموالاة مراعاة الجفاف. قال:
" ولو فرق ولم يجف فلا إثم ولا إبطال إلا أن يفحش التراخي، فيأثم مع الاختيار " ومثله عن البيان، ولم أعثر لغيره على ذلك، كما أنه لا دليل عليه، فالأقوى حينئذ أن مراعاة الجفاف شرط الصحة، ولا إثم إلا عند ضيق الوقت وفوات الواجب بذلك كما في غيره من الشرائط والأجزاء، ولا أعرف وجها لذكرهم ذلك هنا ولم يذكروه في غيره من الشرائط والأجزاء من الترتيب وغيره، فإن كان ظواهر الأوامر فهي في الجميع، وإن كان غير ذلك فلم نجده.
ثم إنه بناء على المختار قد عرفت أن جملة من الأصحاب قيدوا ذلك بالهواء المعتدل والزمان المعتدل ونحو ذلك، بل نسب هذا القيد في الذكرى إلى الأصحاب، وقال: " إن المقصود به اخراج طرف الافراط بالحرارة الأطرف الافراط في البرودة، فلو كان الهواء مثلا رطبا جدا أو المكان كذلك وأخر إلى وقت بحيث لو كان معتدلا لجف لم يقدح ذلك في الصحة لمكان وجود البلل حسا، وكذا لو أسبغ الماء بحيث لو اعتدل لجف " ومقتضاه جواز ذلك وإن طالت المدة جدا، واستجوده جماعة ممن تأخر عنه، وكأنه لمكان تعليق البطلان على الجفاف، وهو لا يشمل التقديري، ولكنه قد يشكل ذلك بأن شرط الصحة عدم الجفاف، وهو لا يشمل التقديري، والتمسك بالضرورة ونفي الحرج يندفع بالرجوع إلى التيمم أو الاستئناف.
قلت: ينبغي أن يعلم (أولا) أن مراد الأصحاب بقيد الاعتدال إنما هو بالنسبة إلى ما مضى من الأزمنة، وليس المراد منه الفصل المعتدل من فصول السنة، فيدخل ما كان في شدة مربعا نية الصيف تحت الاعتدال إلا أن يتفق فيها شدة حر خارج عن غالب الأزمنة، لعدم الدليل على إرادة الاعتدال بالمعنى الثاني، بل ترك الاستفصال في صحيحة ابن عمار وإطلاق اليبس في موثقة أبي بصير ينافيه، إذ قد يكون ذلك في شدة الصيف، أو في مكان غير محجوب عن هواء السموم ونحو ذلك، ويعلم (ثانيا)