لا يقضي بعدم وقوع الثاني كما هو واضح، واحتمال القول أنه بالنذر يحصل الاختلاف الذي يمنع العدول في غاية الضعف، إذ بعد فرض أن المنذور عليه ليس سببا للاختلاف في نفسه فالنذر لا يصيره كذلك، واستوضح في ذلك في الواجب بالإجارة بالنسبة إلى بعض مستحبات الصلاة، فإن التارك لها عمدا مع نية الأولى بأنه وفاء الإجارة لا يفسد العمل، نعم لا يقع مجزئا عن المستأجر عليه، فتأمل.
وأما إذا كان المنذور الموالاة في وضوء خاص فهو وإن كان يعلم حكمه مما ذكرنا عند التأمل لكن لا بأس بذكره على التفصيل، فنقول: أما ما كان مقيدا بشهر أو بيوم ونحو ذلك فهو كالسابق، وأما إذا كان مشخصا بمشخصات لا يتعدد معها كهذا الوضوء ونحوه فالظاهر أيضا صحة الوضوء من غير فرق بين نيته الوفاء عن النذر وعدمها، لوجود المقتضي من جامعية الشرائط وفاقدية الموانع، وما يقال: إنه لم يأت بالمأمور به على وجهه فيه أنه إن أريد بذلك الوجه المستفاد من النذر فهو مسلم، لكن أقصاه عدم الاجتزاء عن النذر، ولا تلازم، وإن أريد غير ذلك فهو ممنوع، لا يقال: إن المولاة بالنذر تكون من قبيل شرط الوضوء فيبطل بفواتها، لأنا نقول: إن النذر أقصى ما يفيد أحكاما شرعية من الوجوب ونحوه لا أحكاما وضعية، فلا يصير غير الشرط شرطا ولا العكس، كما هو واضح وكونه مقتضيا للوجوب لا يلزم أزيد من تحقق الإثم بالفوات، مع أن صيغة النذر لا دلالة فيها على الشرطية، وأما إذا كان المنذور وضوءا متابعا فيه فهو كالسابق في أن الأقوى الصحة في جميع الصور وإن وجبت الكفارة في بعضها، وهي فيما لم يبق محل للوفاء بالنذر، كما أنه في الصور السابقة كذلك، فتأمل.
لكن أطلق العلامة في القواعد فقال: " وناذر الوضوء مواليا لو أخل بها فالأقرب الصحة والكفارة " والأظهر أن مراده من نذر جميع وضوءاته مواليا، أو يراد به حيث يتعين المنذور عليه، لكن وجوب الكفارة بالنسبة إلى الصورة الأولى موقوف على الصحة،