الوجود لا تقدح في تناول المطلق، بخلافها بالنسبة إلى المفهوم، (وثانيا) بأنه قد يدعى أن ما نحن فيه من باب العام، إذ هو لعدم استقلال الجواب عن السؤال كان بمنزلة قوله لا حد للاستنجاء، كما هو واضح، على أنه كيف يدعى الندرة القادحة في خصوص المقام، مع أنه كان ذلك غالبا في أهل تلك النواحي، لحرارة أمزجتهم فكانوا يبعرون بعرا كما أشارت إليه بعض الأخبار (1) معللة ذلك بأنهم كانوا يأكلون البسر، فالحاصل دعوى الندرة التي تكون سببا لعدم العمل بالمطلق باطلاقه ممنوعة أشد المنع، فتأمل.
وربما يرشد إليه ما ستسمعه من أن المشهور بين القائلين بالتثليث الاجتزاء بالتوزيع وهو قاض بإزالة الحجر الواحد النجاسة، ولولا مخافة خرق الاجماع المركب لأمكن القول والجمع بين الروايات المنجبرة بالشهرة وبين الخبرين المذكورين بحصول الطهارة بالأقل ووجوب الاكمال تعبدا، بل يمكن حمل بعض روايات القدماء عليه، بل في جامع المقاصد بعد اختياره المشهور قال: " وهل الحكم بالطهارة موقوف على الاكمال أم الطهارة دائرة مع النقاء والاكمال واجب؟ الظاهر الأول " انتهى. فإن ترديده بين الأمرين ظاهر في عدم كونه مقطوعا به، ومما يمكن أن يؤيد به خلاف المشهور أيضا أن ما ذكروه من الروايات قد دخلها التأويل، وذلك لأن المشهور شهرة كادت تكون إجماعا، بل قد حكى في الخلاف وعن الغنية أنه يكتفى بكل جسم طاهر قالع للنجاسة سواء كان حجرا أو غيره، بل يدل عليه مضافا إلى ذلك الروايتان المطلقتان (2) وخبر ليث المرادي (3). عن الصادق (عليه السلام) قال: " سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البصر أو العود؟ فقال: أما العظم والروث فطعام الجن " وخبر زرارة (4)