قصر الحرمة على الحروف والكلمات من القرآن، وكذا المد والتشديد، وأما الحركات الاعرابية والبنائية ونحوهما فقد صرح بعضهم بخروجها، لصدق اسم الكتاب والقرآن بدونها، ويحتمل قويا الالحاق، لكونها بعد وجودها صارت أجزاءا أو كالأجزاء، وكونها رسوما لا تدل على حرف لا ينافي ذلك، فإن الألف التي تكتب بعد واو الجماعة لا دلالة فيه على حرف مع أنها من الكتابة قطعا، فتأمل. نعمم لا يجري الحكم فيما يكتب في القرائين من الأجزاء والأحزاب والأعشار ونحوها، لكونها ليست من القرآن قطعا وكذا أسماء السور ما لم تك من القرآن، ولا فرق فيه بين منسوخ الحكم وعدمه إذا لم تنسخ التلاوة، وأما منسوخها فقد صرح بعضهم بعدم جريان الحكم فيه من غير فرق بين المنسوخة قبل آية التحريم وبعدها، ولقد أطال الأستاذ في كشف الغطاء في كثرة التفريع في المقام، من أراده فليراجعه، وكيف كان فقد بان لك أنه لا إشكال في أنه يجوز له أن يمس ما عدا الكتابة للأصل وغيره.
((الثامنة) من به السلس) أي الداء الذي لا يتمسك بسببه بوله كما عن مجمع البحرين وصرح به غير واحد من الأصحاب، (قيل يتوضأ لكل صلاة) عندها، فلا يجمع بين صلاتين فما زاد بوضوء، كما هو خيرة الخلاف والمعتبر والإرشاد والقواعد والتحرير والدروس والذكرى والتنقيح وجامع المقاصد وغيرها، واستحسنه المصنف في النافع وهو الظاهر من المختلف أيضا، وفي السرائر أن سلس البول على ضربين، الأول أن يتراخى فيه زمان الحدث فليتوضأ للصلاة، فإذا بدره الحدث وهو فيها خرج وتوضأ وبنى، الثاني أن يخرج على التوالي من غير تراخ بين الأحوال فليجدد الوضوء لكل صلاة، ولعل مختاره أيضا ما ذكرنا، وكيف كان فهذا القول هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا، بل قد يظهر من الخلاف دعوى الاجماع عليه. وقيل يصلى بوضوء واحد صلوات إلى أن يحدث حدث آخر كما عن المبسوط، ومال إليه بعض متأخري المتأخرين وهو وإن كان كلامه محتملا لرفع ناقضية البول أصلا في خصوص المقام إلا أن الأظهر كون مراده رفع ناقضية ما يخرج منه بلا قصد واختيار، وأما ما خرج منه بالقصد