حصول النجاسة فلا يجزي فيه إلا الغسل كالساق والفخذ، وهو كالصريح في إرادة التعدي بغير المعتاد، وكأن الذي أوقعهم في الوهم تفسير المتأخرين للتعدي بالتعدي عن حواشي المخرج، وهو مع أنه وقع من متأخري المتأخرين ممكن الحمل على ما ذكرنا أيضا، وما نقله بعضهم عن التذكرة من الاجماع على أن المراد بالتعدي هو مطلق التعدي لم أجده فيها، بل الموجود فيها الغائط إن تعدى المخرج وجب فيه الغسل بالماء إجماعا، وهو كسائر عبارات الأصحاب.
نعم قال فيها بعد ذلك: ويشترط في الاستنجاء بالأحجار أمور، منها عدم التعدي، فلو تعدى المخرج وجب الماء وهو أحد قولي الشافعي، وفي الآخر لا يشترط، فإن الخروج لا ينفك منه غالبا، واشترط عدم الزيادة على القدر المعتاد، وهو أن يتلوث المخرج وما حواليه، وإن زاد عليه ولم يتجاوز الغائط صفحتي الأليتين فقولان، انتهى فقد يشعر نسبة ذلك إلى الشافعي أن المراد بالتعدي عندنا هو مطلق التعدي حتى على المحل المعتاد، لكن التعويل على مثل هذه العبارة في مخالفة هذا الحكم الذي كاد أن يكون قطعيا مما لا ينبغي أن يرتكبه فقيه. على أن ما نقله عن الشافعي فيها خلاف ما نقله عنه في المنتهى، قال فيه: " إذا تعدى المخرج تعين الماء، وهو أحد قولي الشافعي، والقول الثاني له وعن إسحاق إنه إذا تعدى إلى باطن الأليتين ولم يتجاوز إلى ظاهرهما فإنه يجزيه الحجارة، فإن تجاوز ذلك فظهر على الأليتين وجب الماء عنده قولا واحدا " انتهى. وهو ظاهر فيما قلنا، ومما يدل على ما ذكرنا من أن مرادهم بالتعدي إنما هو عن محل العادة استدلال المصنف في المعتبر على وجوب الماء في التعدي بقوله (عليه السلام):
" يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محل العادة " وهو كالصريح فيما قلناه، فلا ينبغي الاشكال حينئذ في أن مراد الأصحاب التعدي عن المحل المعتاد، نعم هل يراد به بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء أو لا بد من الماء وإن لم تخرج عن مسمى الاستنجاء فيكون الماء حينئذ؟ ظاهر قد سمعت من بعضهم دعوى اتحاد الأمرين، وأن المراد بالتعدي