الأخبار على ما قيل " إن الله يحب ما هو الأيسر والأسهل " وهو بوضعه على اليمين لما ستعرفه أن الوضوء بالاغتراف بها، ولعله لذا جعله بعضهم أدبا إن قلنا بالفرق بينهما بأن يراد بالثاني ما يستفاد مطلوبيته ورجحانه من ممارسته مذاق الشرع وإن لم يرد به دليل بالخصوص، فتأمل. ولعله لما سمعت من التعليل خص جملة من الأصحاب الاستحباب بما إذا كان الوضوء من إناء يغترف منه، أما إذا كان ضيق الرأس فالمستحب وضعه على اليسار، لأنه أمكن في الاستعمال، قلت: ولعل إطلاق كثير منهم استحباب وضعه على اليمين مبني على استحباب كون إناء الوضوء مما يغترف منه، لأنه المستفاد من الوضوءات للبيانية، والظاهر قصر الاستحباب على ما إذا كان الوضوء من إناء ونحوه لا ما كان من حوض أو نهر ونحوهما، مع احتمال ذلك فيهما بوضعهما على جهة اليمين، أو جعل للناحية التي يغترف منها عليه، كما أن الظاهر قصره على نفس المباشر، فلا يجري بالنسبة إلى النائب ونحوه، ولا فرق في الاستحباب بين كون الرجل أيمنا أو أيسرا، واحتمال جعل يسار الأيسر يمينا بالنسبة إليه ضعيف.
(والاغتراف بها) كما في كثير من الكتب المتقدمة، بل في المعتبر والذكرى نسبته إلى الأصحاب، ويدل عليه - مضافا إلى ذلك إلى ما سمعته في سابقه - بعض الوضوءات البيانية، وفي صحيحة (1) أو حسنة ابن أذينة أنه " لما دنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الأيمن فتلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الماء بيده اليمنى، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين " إلى آخرها قلت: بل ينبغي القطع به بالنسبة إلى غير غسلها، وأما ما هو فالمستفاد من كثير من الوضوءات البيانية الاغتراف باليسرى لغسل اليمنى، واحتمال الجمع بينهما بالحمل على التخيير فلا استحباب حينئذ بعيد، كالحمل على استحباب الاغتراف بها لغير غسلها، وإلا فالمستحب الأخذ باليسرى، مع ما في الأخير من منافاة إطلاق كثير من الأصحاب كالمصنف وغيره،