ييبس صح ولا تبعيض فيه، على أنه يجري ذلك في صورة الاضطرار مع الاتفاق على أن الموالاة فيها مراعاة الجفاف، وأما (السادس) فالتحقيق عدم اقتضاء الأمر للفور، وعلى تقديره هنا فهو لا يفيد الشرطية، ومن العجيب دعوى بعضهم الاجماع على إرادة الفورية في خصوص المقام، مع ما عرفت من أن المشهور بين الأصحاب مراعاة الجفاف، وإن أريد بالفورية ما يشمل مثل ذلك فهو مسلم، إذ لا قائل بجواز التراخي إلى آخره، بل أقصاه مراعاة الجفاف، فمع فرض أنه لا ينافيها عرفا لا وجه للاستدلال به حينئذ، على أن إرادة الفورية بمعنى الايجاب الشرعي ممنوعة، لأنه وإن سلمنا أن مراعاة الجفاف لا ينافيها لكن ذلك إنما هو على سبيل الشرطية صحة في الوضوء لا الوجوب الشرعي، نعم يتحقق الوجوب عند ضيق الوقت من جهة تضيق الأمر بالوضوء، فتأمل. وفي (السابع) أن الفاء هنا هي الرابطة التي لا قضاء للتعقيب فيها، بل ذلك في العاطفة، وإلا لاقتضى وجوب الفورية بمجرد إرادة القيام والتهيؤ للصلاة، ولم يقل به أحد، بل قد يرشد إلى عدم إرادة الفورية فيها بمعنى المتابعة عطف قوله تعالى (وإن كنتم جنبا) عليه، إذ لا شك في عدم اعتبار الموالاة فيه، وأما (الثامن) فهو - مع احتمال الأمر فيه بالإعادة لمكان الجفاف أو لعدم غسل الوجه، وإطلاق لفظ الإعادة حينئذ من جهة الجزء الآخر، ومع أنه وارد في صورة النسيان، وعندهم أنه من الضرورة - معارض بغيره مما دل (1) على إعادة غسل اليد اليسرى فقط إن كان قد غسلهما، وبقول الصادق (عليه السلام) (2) في صحيح منصور بن حازم المتقدم سابقا في من توضأ وبدأ بالشمال قبل اليمين: " يغسل اليمين ويعيد اليسار " لشموله العامد والناسي، مع ما فيه من ترك المتابعة، وأما (التاسع) فالظاهر أن إجماعه ليس على ما نحن فيه، قال في الخلاف: " عندنا أن الموالاة واجبة، وهي أن تتابع بين أعضاء الطهارة، ولا يفرق إلا لعذر، ثم يعتبر الجفاف، ثم نقل قول الشافعي، - إلى أن قال -: دليلنا أنه لا خلاف في الصحة إذا والى، وإن لم
(٢٥٨)