" من توضأ مرتين لم يؤجر " يعني أنه أتى بغير الذي أمر به ووعد الأجر عليه فلا يستحق به أجرا، وكذلك كل أجير إذا فعل غير ما استؤجر عليه لم يكن له أجرة " انتهى. وعنه في موضع آخر الوضوء مرة مرة، ومن توضأ مرتين لم يؤجر، كما قال في الهداية: " ومن توضأ مرتين لم يؤجر، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع " ولا صراحة في هذه العبارات بالحرمة، ولذا نقل عنه بعض المتأخرين أنه قال: لا أجر عليها واختاره، لكن قد يقال إنه يفهم من حمله رواية عمرو بن أبي المقدام على ما تقدم الحرمة، بل وقوله لا أجر عليها، لعدم تصور الإباحة في جزء العبادة، كتفسيره قول الصادق (عليه السلام) " من توضأ مرتين لم يؤجر " بما سمعته من إرادة التبرع لعدم الإذن، وإن كان لا يخلو من بحث، إلا أن تحقيق حاله ليس بمهم.
وقال الكليني بعد ذكره خبر عبد الكريم سألت أبا عبد الله (عليه السلام) (2) " عن الوضوء، فقال: ما كان وضوء علي (عليه السلام) إلا مرة مرة ": " هذا دليل على أن الوضوء مرة، لأنه كان إذا ورد عليه أمران كلاهما طاعة لله أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه، وأن الذي جاء عنهم (ع) أنه قال: الوضوء مرتان لمن لم يقنعه مرة واستزاده فقال: مرتان، ثم قال: ومن زاد على مرتين لم يؤجر، وهذا غاية الحد في الوضوء الذي من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء، وكان كمن صلى الظهر خمس ركعات، ولو لم يطلق (عليه السلام) في المرتين لكان سبيلها سبيل الثلاث " انتهى. وعبارته كالصريحة في كون الثانية مباحة، فمن العجيب ما فهم منه صاحب الحدائق من الحرمة، وقال البزنطي في نوادره على ما قيل: " واعلم أن الفضل في واحدة، ومن زاد على اثنتين لم يؤجر " وهو كذلك كالصريح في الإباحة، بل قد يدعى أنه يفهم منه الاستحباب، إلا أن الأفضل الاقتصار على الواحدة.
وكيف كان فحاصل ما يمكن أن يعارض به ما تقدم من الأخبار الدالة على الاستحباب