وفيه أنه لا صراحته في العبارة بذلك، سيما بعد قوله (رحمه الله): (وإن جف بعض وضوئك) إذ قد يكون مراده أن جفاف البعض لا يقدح في الصحة، نعم قد يظهر منه اختصاص البطلان بالجفاف للتفريق من جهة نفاد الماء خاصة، بل قد يقال: إن ما استظهروه منه من أن الواجب أحد أمرين إما المتابعة أو مراعاة الجفاف ليس مخالفا لأصحاب القول بأن الموالاة مراعاة الجفاف، لظهور أن مرادهم بالجفاف المبطل إنما هو الحاصل بالتفريق حتى يجف.
قال في الجمل والعقود: " الموالاة أن توالي بين غسل الأعضاء، ولا تؤخر بعضها عن بعض بمقدار ما يجف ما تقدم " وقال في موضع من السرائر: " حد الموالاة المعتبر عندنا على الصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين هو أن لا يجف غسل العضو المتقدم في الهواء المعتدل، ولا يجوز التفريق بين الوضوء بمقدار ما يجف غسل العضو الذي انتهى إليه وقطع الموالاة منه في الهواء المعتدل " وقال في إشارة السبق بعد أن ذكر الفساد بمخالفة الترتيب: " وكذلك إن لم يتابع بعضه ببعض بحيث يجف غسل عضو قبل موالاته بغسل العضو الآخر " وقال في الوسيلة: " هي أن يوالي بين غسل الأعضاء، ولا يؤخر بعضها عن بعض بمقدار ما يجف ما تقدم " وقال الكيدري على ما في الذكرى في سياق الواجب: " وأن لا يؤخر غسل عضو إلى أن يجف ما تقدم مع اعتدال الهواء " وقال أبو الصلاح في الكافي: " هي أن يصل توضئة الأعضاء بعضها ببعض، فإن جعل بينها مهلة حتى جف الأول بطل الوضوء " وعن ابن زهرة " أنها هي أن لا يؤخر بعض الأعضاء عن بعض ما يجف ما تقدم في الهواء المعتدل " وقال في الكامل على ما في الذكرى:
" وهي متابعة بعض الأعضاء ببعض، فلا يؤخر المؤخر عما يتقدم بمقدار ما يجف المتقدم في الزمان المعتدل " إلى غير ذلك من عباراتهم الظاهرة في أن المراد بالموالاة مقدار للزمان لا خصوص بقاء البلل، فيكون الجميع حينئذ قائلين بالصحة في الصورة التي تخيل انفراد الصدوقين بها، وهي ما إذا تابع في وضوئه واتفق حصول جفاف ولو اختياري