واجبة في الوضوء، وهي أن يتابع بين الأعضاء مع الاختيار، فإن خالف لم يجزه " إلى آخره. لكنه بعيد، لظهور إرادة الوجوب الشرطي في مثل هذه المقامات كما في غيرها من الشرائط والأجزاء، والذي اختاره المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى والتحرير والمختلف بل عنه في سائر كتبه إيجاب المتابعة شرعا لا شرطا، فمن أجل بها مع الاختيار أثم، ووضوؤه صحيح ما لم يحصل الجفاف، وقد يحتمله بعض عبارات القدماء، وبذلك تكون الأقوال ثلاثة، لكن يظهر من المحقق الثاني إنكار ذلك زاعما أنه لم يقل أحد بالبطلان للمتابعة، فم يبق معنى لوجوبها سوى التعبد الشرعي، ويؤيده ما في التنقيح من أنه " اتفق الكل على أنه لو أخر ولم يجف ما تقدم لم يبطل وضوؤه، بل فائدة الخلاف تظهر بالإثم وعدمه " انتهى. إلا أنك قد عرفت من صريح المبسوط كظاهر غيره البطلان، ويؤيده أن من نقل هذا القول كالمصنف وابن إدريس وغيرهما فهم منه إرادة ذلك، نعم إنما ذلك أي الوجوب الشرعي فقط اختيار في المسألة، بل أول من صرح به المصنف في المعتبر، وتبعه عليه العلامة، مع أن أدلتهما عليه تقضي بالوجوب الشرطي كما ستعرف إن شاء الله، فدعوى اتفاق الجميع على ذلك في غاية الغرابة، والظاهر أن مرادهم بالوجوب الشرعي أنه لو جاء بوضوء غير متابع فيه يأثم، لا أنه يأثم وإن ترك الوضوء من رأس أو أفسده بحدث ونحوه، فظهر من ذلك كله أن الأقوال في المسألة ثلاثة.
بل قد يظهر من بعض المتأخرين وجود قول رابع، وهو ما يظهر من الصدوقين من أن الواجب في الوضوء أحد أمرين، مراعاة الجفاف أو المتابعة، قال في الفقيه:
" قال أبي في رسالته إلي: إن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه فأتيت بالماء فتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا، وإن كان جف فأعد وضوءك وإن جف بعض وضوءك، قبل أن تتمم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فاغسل ما بقي جف وضوؤك أو لم يجف " انتهى. بل اختاره بعض متأخري المتأخرين، وقواه آخر،