وبين ترك غسل العضو من رأس في أنه يجري عليه التفصيل المتقدم، فإن كانت رطوبة باقية أعاد المنسي وما بعده وإلا استأنف الوضوء، وبه نطقت الأخبار، ففي حسنة الحلبي عن الصادق (عليه السلام) (1) " إذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه وذكر بعد ذلك غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه، وإن كان إنما نسي شماله فليغسل الشمال. ولا يعيد على ما كان توضأ " وكذا غيره وهو وإن كان ظاهره النسيان خاصة ولم يفصل بين الجفاف وعدمه إلا أنه يجب تنزيله على ذلك، لمكان غيره من الأدلة وما تسمعه، من أدلة الموالاة، وكذا لا فرق في جميع ما تقدم بالنسبة إلى مخالفة الترتيب بين تمام العضو وبعضه فمن ترك شيئا من الوجه مثلا وجب عليه إعادته وما بعده إن لم يجف الوضوء، وإلا استأنف، وما عن ابن الجنيد أنه إذا كان المنسي لمعة دون سعة الدرهم كفى بلها من غير إعادة على ما بعد ذلك العضو لم نقف له على دليل يعتد به، بل قد يظهر عن بعضهم دعوى الاجماع على خلافه، وما نقله هو من أنه روى توقيت الدرهم ابن سعيد عن زرارة عن أبي جعفر (ع) وابن منصور عن زيد بن علي ومنه حديث أبي أمامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) لم نتحققه، فلا يجوز هدم تلك القواعد وتخصيص تلك الأدلة بنحو هذه المراسيل، كما لا يجوز ذلك لما رواه الصدوق (2) عن الكاظم (عليه السلام)، ونحوه عن كتاب عيون الأخبار مسندا إلى الرضا (عليه السلام) (3) " أنه سئل عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء، فقال: يجزؤه أن يبله من جسده " لعدم وضوح دلالته على ما قاله ابن الجنيد، ومناف بظاهره لما عليه الأصحاب، فتنزيله على إرادة أنه يبله من جسده ثم يعيد على ما بعده إذا ذكر ذلك قبل غسل اليدين وإن بعد أولى من هدم تلك القواعد وتخصيص الأخبار الكثيرة، واحتمال كون الصدوق عاملا به لعدم رده ولا تأويله لا يصيره صالحا لذلك، والله أعلم.
(٢٥١)