بكون الغسل للجنابة، وظهور قوله (عليه السلام): (يلزمه في ذلك اليوم) في كون المجزى عنه إنما هو الواجب، وما يقال: إنه لا معنى لذلك، لكون الأغسال الواجبة مسببات لأسباب خاصة، ولا معنى لتقديم المسبب على السبب، وقوله (عليه السلام): (يلزم) ظاهر في التجدد، فلا بد من حمله حينئذ على الأغسال المندوبة، فيجتزى حينئذ بالغسل بعد طلوع الفجر عن كل ما يستحب له الغسل في ذلك اليوم وإن تجدد. وفيه - مع أنه أيضا يلزم منه تقديم المسبب على السبب حينئذ - أنه ليس أولى من جعل ذلك قرينة على إرادة الماضي من قوله (عليه السلام): (يلزمه في ذلك اليوم) بل يؤيده قوله (عليه السلام) في الخبر المتقدم: (إذا اجتمعت) إلى آخره، لظهورها في شرطية الاجتزاء بالاجتماع، وهو دال بمفهومه على العدم مع عدم الاجتماع، وهو ينافي الاجتزاء عن متجدد السبب فيها، ومن هنا استدل بها العلامة على تداخل الأغسال الواجبة لظهور قوله (عليه السلام):
(يلزمه) فيه، ومما ذكرنا يظهر لك إنا وإن قلنا بالاجتزاء بغسل واحد عن الجميع مع نية ذلك إلا أنه لا بد من الاجتماع، فلا نجتزي بالنسبة إلى المتجدد وإن نوى الاغتسال عن كل ما يستحب له الغسل في هذا اليوم من الحاضر والمتجدد. ثم إنه إن سلمنا كون الرواية المذكورة في الأغسال المستحبة فمقتضى الجمع - بينها وبين قوله (صلى الله عليه وآله):
(إنما الأعمال بالنيات) وما دل على شرطية التعيين وقصدية الامتثال ونحو ذلك - حملها على إرادة نية الجميع.
وأما رواية عثمان بن يزيد فهي مع الغض عن سندها يجري فيها كثير مما تقدم، لكنها أظهر من سابقتها في إرادة الأغسال المستحبة، كما هو مقتضى قوله (عليه السلام) فيها: (إلى الليل) و (إلى طلوع الفجر) ويحمل قوله (عليه السلام): (يجب) على إرادة الثبوت، فلا ينافي إرادة المستحب، لكن الظاهر إرادة الماضوية، فلا تفيد بالنسبة للمتجدد كما عرفت. ومما ذكرنا يظهر لك ما في الاستناد إلى التعليل المتقدم، فلا مانع