الثالث، وحينئذ فلا يكون لوجوب ذلك الآخر فائدة، لأنه لو أتى به لم يكن مجزيا ولو أتى بغيره أجزأه عنه، وربما قرر هذا الدليل بوجوه أخر فيه من الفساد ما لا يخفى، فإن الاجتزاء به عن نفسه يكفي في فائدته، وإجزاء غيره عنه لا يسقط ذلك، على أن وجوبه ليس منحصرا مع الجنابة.
وذكر بعضهم في المقام أدلة واهية لا طائل في التعرض لها، منها ما ذكر في توجيه كلام العلامة من القول بالارتفاع مع ضم الوضوء وعدمه مع العدم بأنه على تقدير الضم يكون مساويا لغسل الجنابة بخلافه مع العدم، وفيه أن التحقيق أن الوضوء إنما هو لرفع الأصغر، فكيف يتصور فيه رفع حدث الجنابة، وأيضا بعد فرض أن حدث الجنابة لم يرتفع بالغسل فالوضوء بمجرده لا يصلح لذلك قطعا، وما يقال: إن الأدلة دلت على أن غسل الحيض مثلا مع الوضوء كاف في استباحة الصلاة فيه أنها ظاهرة فيما لو كان المانع الحيض، نعم ربما يتم لو قلنا أن غسل الحيض والوضوء معا رافعان للحدث أصغر وأكبر لا على التوزيع أمكن القول بالاجتزاء حينئذ، فتأمل.
القسم الثاني (1) أن لا يكون معها جنابة، فإن نوى الجميع أو الحدث أو الاستباحة ارتفع الجميع، وفي نية القربة ما تقدم ولو نوى أحدها اختص به على التحقيق، خلافا لما يظهر من بعضهم، ويظهر لك الوجه في جميع ذلك من التأمل فيما تقدم، ومقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق بين غسل الاستحاضة وغيرها في جميع ما تقدم من غير فرق بين غسلها للانقطاع والبرء إن أوجبناه وبين غسلها لاستباحة الصلاة، واحتمال الفرق في الثاني لو جامع الجنابة مثلا لمكان بقاء الحدث فهو مبيح لا رافع بخلاف غسل الجنابة ضعيف، وذلك لامكان نية الاستباحة الجامعة لها مع أنه لا مانع من نيته رافعا مبيحا، وأيضا فالإباحة رفع في الحقيقة عند التأمل. إن لم يكن عاما، كل ذلك لاطلاق