وحيث يقوم عن الواجب والمندوب فهو مندوب محضا، لأنه يجوز تركه لا إلى بدل، وذلك لأنه بدله الواجب والمستحب جمعيا، ويجوز للمكلف الاقتصار على الواجب فقط، وهو ليس بدلا عنه، فكان يجوز تركه لا إلى بدل، فلا يكون واجبا فينوي حينئذ بناء على اشتراط نية الوجه الندب فيه مع نية الاجتزاء به عن الجميع الواجب والندب وعلى عدم الاشتراط ينوي القربة مع نية الاجتزاء به عن الجميع، لا يقال: إنهم صرحوا بأن الندب لا يجزي عن الواجب، بل لا يجوز أن يرد فيه دليل، وذلك لأن الأحكام الشرعية عندنا معلومة لمصالح واقعية، ولا ريب في تباين المصلحتين، لأنا نقول: لا مانع من اشتمال الندب على مصلحة الواجب لكن وجد المانع من اقتضائها الوجوب، ووجود المانع لا ينقضها، بل هي باقية على حالها، ويكشف عن ذلك الدليل، نعم بعد فرض عدم الدليل عليه لا نقول به، لعدم علمنا كيفية مصلحة الندب، كما يشير إلى ذلك قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " وغيره فتأمل.
وأما ما ينقل عن بعضهم - من دفع هذا الاشكال بعدم وجوب نية الوجه - ففيه ما لا يخفى إذ ليس الاشكال في النية إنما هو في الاجتماع في الشخصي الخارجي، وهذا لا يرفعه، ويظهر من بعضهم دفع هذا الاشكال بأن المراد بتداخل الواجب والمستحب تأدي إحدى الوظيفتين بفعل الأخرى، كما تؤدى صلاة التحية بقضاء الفريضة وصوم الأيام المسنونة بقضاء الواجب ونحو ذلك، لظهور تعلق الغرض بمجرد الماهية على أي وجه اتفق، فيكون المقصود من غسل الجمعة مثلا غسل هذه الأعضاء على الوجه المعتبر في هذا اليوم وإن تحقق في ضمن الواجب مثل غسل الجنابة وغيره، فلا يرد أن ذلك ممتنع لتضاد وجهي الوجوب والندب، إذا لواقع إنما هو الغسل الواجب خاصة لكن الوظيفة المسنونة تأدت به لصدق الامتثال، ولما سمعت من الأخبار، بل عن بعضهم التصريح أنه تحصل الوظيفة وإن لم يقصدها، ولا مانع من إعطاء الثواب بذلك، وله