مات وهو جنب كيف يغسل؟ وما يجزيه من الماء؟ قال: يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك للجنابة ولغسل الميت، لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة " والحجة بالمفهوم من التعليل وإن كان بالنسبة للمعلل لا بد فيه من التأويل لكنه غير قادح بالاستدلال، وتتم الأخبار المتقدمة بعدم القول بالفصل بين المجتمع مع الجنابة من الحيض أو المس أو غيرهما ولا إشكال في دخول ما نحن فيه تحت إطلاق هذه الأخبار، لأنه المتيقن منها، وما في بعضها من ضعف في السند أو غيره يجبر بما سمعت من ظهور الشهرة بل الاجماع عليه، نعم قد يظهر من ابن إدريس الخلاف في ذلك، لايجابه كون الغسل للجنابة، مع احتمال وفاقه، لأنه مع نية الجميع تدخل نية الجنابة.
ثم إن الظاهر الاجتزاء بهذا الغسل عن الوضوء بناء على عدم مدخليته في رفع الأكبر في نحو الحيض، بل وكذا بناء عليه أيضا على تأمل فيه، بل وفي تحقق مسمى التداخل حينئذ عرفا، لكونه (1) في متحد صورة المسبب مع تعدد الأسباب، فلعل أخبار التداخل حينئذ مما تشعر بعدمه، بل عدم الوضوء حتى للأصغر في سائر الأغسال كما ستعرفه في محله، لكن الأقوى ما ذكرناه أولا من عدم الحاجة للوضوء، تمسكا بما يلوح من أخبار التداخل وبما دل على الاجتزاء بغسل الجنابة عنه، ولا فرق في ذلك بين القول بكون الغسل البارز للخارج عن الأسباب المتعددة مصداقا لاسم كل واحد منها كما يقتضيه القول بكون التداخل على وفق الأصل وعدمه، وإن كان الأقوى الثاني، وذلك لأن التحقيق الذي لا مفر منه أن يقال: إن التداخل الحقيقي ممتنع عقلا إذ لا يتصور جعل الشيئين شيئا واحدا حقيقة، وما يطلق عليه الأصحاب أنه تداخل فالمراد أنه شبه التداخل من جهة الاجتزاء بواحد عن متعدد، وبهذه المشابهة يمتاز عن الاسقاط، فحينئذ نقول بعد أن علمت: أن الظاهر تعدد المأمور به بتعدد الأمر، وما ذكره بعض المتأخرين من صدق الامتثال بالواحد عن الأوامر المتعددة كلام لا محصل له مخالف لما عليه الأصحاب، ولذا احتاجوا إلى الدليل في الخروج عن ذلك، بل لا يكتفون