ويقرب منه ما عن الشهيد الثاني قال بعد أن نقل عن جماعة من الأصحاب الاجتزاء مع نية الجميع: " ولا يخلو من إشكال لتضاد الوجه واعتبار نية السبب، ويمكن سقوط اعتبار نية السبب هنا ودخوله تحت الوجوب، كما في الأذكار المندوبة خلال الصلاة الواجبة والصلاة على جنازتي من زاد على الست ونقص عنها " انتهى. وفيه أن دخول العبادة المستقلة المندوبة تحت عبادة أخرى مستقلة أيضا منويا فيها الوجوب ممنوع أشد المنع، وإن استندا في ذلك إلى الدليل رجع حينئذ إلى الاسقاط، كما أن ما ذكر من المثال بالأذكار المندوبة خلال الصلاة الواجبة قياس مع الفارق، أما أولا فلكون ذلك من الأجزاء لا من العبادات المستقلة، وأما ثانيا فلأنه قد يدعى أن الفرد المشتمل على الأذكار المندوبة من جملة أفراد الواجب المخير بالنسبة إليها، وإن جاز ترك المندوب فإنه انتقال إلى فرد آخر، فلا ينافيه نية الوجوب حينئذ، وأما ما ذكر من المثال بالصلاة على الجنازتين ففيه أنه إن لم يدل دليل عليه محل للاشكال أيضا، ودعوى الدخول فيه ممنوعة، كمنع ما ذكره الأول من أنه لا يضر اعتقاد منع الترك لأنه مؤكد، إذ كيف لا يقدح مع كونه فصلا مميزا للفعل عن جائز الترك، فتأمل جيدا. وفي الذخيرة في دفع الاشكال ما هذا لفظه: " الأقرب أن يقال لما دل الدليل على إجزاء غسل واحد عنهما يلزم أن يقال إحدى الوظيفتين تتأتى بالأخرى بمعنى أنه يحصل له ثوابها وإن لم يكن من أفرادها حقيقة، كما تتأدى صلاة التحية بالفريضة والصوم المستحب بالقضاء، أو يقال: ما دل على استحباب غسل الجمعة مختص بصورة لا يحصل سبب الوجوب، والمراد من كونه مستحبا أنه مستحب من حيث كونه غسل الجمعة مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضي للوجوب " انتهى. وفيه أن ما ذكره أولا مخالف لمراد أصحابه، لتصريحهم بكونه من أفراده، وأن المراد بغسل الجمعة جريان الماء على الأعضاء قربة وإن كان في ضمن الواجب.
ثم إنه مع نيتهما معا كما هو الفرض تأدية إحداهما بالأخرى إن كانت مخصوصة