ذلك الاجتزاء لا يكشف عن عدم تعدد في المطلوب، فحينئذ يكون الغسل الواحد يقع على وجهين، أحدهما الاجتزاء به عن الجميع، والثاني عن أحدهما، فمتى فقد تعيين ذلك بطل، للزوم اشتراط نية التعيين قطعا، والظاهر الاكتفاء عن الوضوء، لما سمعت سابقا من أنه إما غسل جنابة أو مجز عنه، وكل يقتضي الاكتفاء به عن الوضوء.
وأما إن كان المنوي غسل الجنابة فالمشهور بين الأصحاب بل يظهر من السرائر وغيرها دعوى الاجماع على الاكتفاء عن الجميع، وربما احتج عليه ببعض ما تقدم في صدر المبحث من كون الحدث الأكبر شيئا واحدا وإن تعددت أسبابه، فلا يقدح نية الخصوصية كما لا يقدح نيتها في الوضوء، وقد عرفت ما فيه، وربما استدل عليه هنا بصدق الامتثال كما وقع لصاحب المدارك وغيره، وكأن المقصود كما عن بعضهم التصريح به أن امتثال الأوامر لا يشترط فيه إيقاع الفعل بقصد امتثالها بل إن جاء بالفعل بقصد آخر غيرها اكتفي به، مثلا إذا قال السيد لعبده ادخل السوق، فدخله العبد لا بنية امتثال أمر سيده بل كان لغرض آخر صدق عليه أنه جاء بالمأمور به وفرغ عن العهدة نعم أقصى ما دل الدليل على اشتراط القربة في العبادات، فحيث يتحقق اكتفي بالفعل وتحقق الامتثال، ففي المقام يكتفى عن غسل الحيض وإن لم يقصد بالفعل امتثال أمره، ولا يخفى ما فيه من بحث لا يحتاج إلى بيان، مع أن قضية ذلك الاكتفاء بغسل الجمعة والزيارة ونحوهما عن غسل الجنابة والمس وغيرهما كما نقل عنه التصريح به.
وربما استدل عليه بأن غسل الجنابة أقوى من غيره لرفع الأكبر والأصغر، فمع نيته وارتفاعه يرتفع غيره لأنه أضعف، وفيه - مع أنه لا يرجع إلى شئ يعتمد عليه في التكاليف الشرعية - أنه قد يقال: إن حدث الحيض أعظم ولذا يحتاج إلى غسل ووضوء، فلا يرتفع برفع الأضعف مضافا إلى ما ورد (1) في المرأة إذا كانت في جنابة ثم جاءها الحيض لا تغتسل فإنه قد جاءها ما هو أعظم من ذلك، وربما استدل عليه باطلاق