بكل دليل كما يكتفى بذلك في قطع الأصول ونحوها، بل لا بد من دليل أقوى من ذلك الظهور، حتى نقل عن بعضهم عدم القول بالتداخل رأسا في المقام، ترجيحا لذلك على أخبار المقام، لكن الأقوى خلافه، لكونها معتبرة الأسانيد منجبرة بالشهرة بل بالاجماع في بعض الصور، فحينئذ يجب الاقتصار على مدلول ذلك الدليل لا يتعدى منه، ومن المعلوم هنا أن الدليل لم يكشف عن أن المطلوب في المقام طبيعة الاغتسال، بل أقصى ما دل أنه يجتزى بغسل واحد عن الجميع، وهو إن لم يكن ظاهرا في عدم ذلك لم يكن ظاهرا فيه فلا يصدق حينئذ على المغتسل غسلا واحدا بنية الجميع أنه امتثال لتلك الأوامر، نعم جعله الشارع بمنزلة ذلك، فهو غسل جنابة وحيض شرعا لا عرفا، بمعنى أنه واحد اجتزي به عن متعدد شرعا، وجعله الشارع بمنزلتهما فيجتزي به حينئذ عن الوضوء لكونه بمنزلة غسل الجنابة، لا أنه غسل جنابة حقيقة، كما أنه لما كان الظاهر من الأخبار أن ذلك رخصة لا عزيمة كان المكلف بالخيار بين الاتيان بفعلين أو بفعل واحد ناويا به الاجتزاء عنهما. وليس من باب التخيير بين الأقل والأكثر، لأنا نشترط في الاجتزاء عن الجميع نية الجميع، إذا علمت ذلك فلا يقدح حينئذ الاجتزاء بالواحد عن الواجب والمندوب، ولا معنى للاشكال فيه بأنه كيف يكون الواحد واجبا مندوبا كما تسمعه في القسم الثالث، وتمام الكلام هناك إن شاء الله تعالى وأما إن كان المنوي رفع الحدث من حيث هو من غير ذكر لتفصيل الأسباب فالمشهور كما صرح به من عرفت سابقا الاكتفاء به، ولا حاجة إلى التعدد، أخذا بما سمعت من إطلاق الأدلة المتقدمة، وقد صرح جملة من هؤلاء بعدم الحاجة إلى الوضوء، وقد يشكل بأنه لا يصدق عليه حينئذ أنه غسل جنابة لعدم نيتها، فكيف يكتفى به عن الوضوء، ويندفع بأنه يصدق عليه ذلك وإن لم ينوه، لأنه لما نوى رفع الحدث من حيث هو وكان في جملته حدث الجنابة كان غسل جنابة وغسل غيرها شرعا بهذه النية وإن لم يذكرها تفصيلا كما عرفت، فإن قلت: أن نية التعيين لا إشكال في اشتراطها،
(١١٨)