فمع عدم التعيين كيف يقع صحيحا، قلت: أن نية رفع الحدث من حيث هو يؤول إلى نية الجميع، وبذلك يندفع ما يقال أيضا: إن نية رفع الحدث أعم من الرفع الذي معه وضوء أو الرفع الذي ليس معه وضوء، إذ قصد رفع طبيعة الحدث شامل لهما، كما أنه يندفع ما يقال أيضا: أنه لو أجزأ لكان ذلك إما لانصرافه إلى غسل الجنابة وهو باطل لاشتراك نية رفع الحدث معه ومع غيره، ولا دلالة لما به الاشتراك على ما به الامتياز، وإما لاقتضاء نية رفع الحدث المطلق رفع جميع الأحداث وهو باطل، وإلا لأجزأ غسل الحيض المنوي به رفع الحدث عن غسل الجنابة، والحاصل لو أثر ذلك مع الاطلاق لأثر مع التقييد كما قلناه في البول والغائط، إذ أنت خبير بما فيه لعدم التلازم، وجعله كالبول والغائط قياس لا نقول به.
ومن ذلك كله يظهر لك الحال فيما إذا كان المنوي الاستباحة لما يشترط فيه الغسل من تلك الأحداث كالصلاة، وقد استشكل فيه العلامة في القواعد، لما سمعت من الوجوه المتقدمة في نية رفع الحدث التي قد عرفت ضعفها.
وأما إذا كان المنوي القربة فقط من غير تعرض للرفع والاستباحة فلا إشكال في الفساد بناء على اشتراط ذلك في النية، أما على تقدير العدم كما هو الأقوى فعن الشهيد في الذكرى أنه حينئذ من التداخل، وهو الظاهر من المصنف هنا، وربما مال إليه كاشف اللثام، وعن شارح الدروس أنه الظاهر، وكأن الحجة فيه إطلاق الأدلة مع أصالة براءة الذمة من وجوب تعيين السبب، وكونها آثارا متعددة لا يوجب التعيين بعد ما دل الدليل على الاكتفاء بغسل واحد لها، وفيه أنك قد عرفت أن الأصل يقضي بالتعدد فلا يخرج عنه إلا بالدليل ويجب حينئذ الاقتصار على مدلول ذلك الدليل، وهو هنا الأخبار وأقصى ما يستفاد منها الاجتزاء بغسل واحد عنها، وهو لا يقضي بكون المطلوب حينئذ واحدا لا تعدد فيه أصلا، بل هو اجتزاء عن ذلك المتعدد بواحد، وتظهر الثمرة فيما لو عصى فإنه يعاقب عليهما وفي غير ذلك، والحاصل أن