إلى كثير والمقداد إلى الفقهاء مشعرا بدعوى الاجماع عليه أن لا تنقض النية الأولى بنية تخالفها، بل قد يرجع إليه ما في السرائر والغنية أن يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها، مع دعوى الثاني الاجماع، وذلك يجعل قولهما (غير) إلى آخره تفسيرا لما قبله، وإلا فالاجماع محصلا ومنقولا وغيره على صحة عبادة الذاهل، وأنه لا يجب استمرار الذكر، وبه يظهر أن مراده في الذكرى من تفسيره لها بالبقاء على حكمها والعزم على مقتضاها ما يرجع إلى المشهور أيضا، وإنما ارتكب ذلك لما في تفسير المشهور من كونه بأمر عدمي، ولذا قال إنه مبني على أن الباقي مستغن في بقائه عن المؤثر.
ولعل مراده بالباقي الاخلاص أو الصحة أو صفة العبادية، فأراد العدول عن التفسير بالعدمي ففسرها بذلك وهو ملازم له وسبب فيه، فلا ثمرة حينئذ بين التفسيرين وأما ما يقال: من أنه يريد إيجاب استمرار تذكر البقاء والعزم إلى الفراغ فينبغي أن يقطع بعدمه، وكيف وهو قد صرح بعدم بطلان العبادة مع الذهول عن ذلك غير متردد فيه، بل المحقق الثاني نقل الاجماع على ذلك، نعم يحتمل إرادة تجديد العزم كل ما ذكر، وبه يحصل الفرق حينئذ لكنه لا دلالة في كلامه عليه، كما أنه يحتمل أن يكون الفرق بينهما بما تسمع إن شاء الله تعالى من بطلان الاستدامة بالتردد في إبطال العمل وعدمه، فإنه يتجه البطلان على تفسير الشهيد والعدم على الثاني.
وكيف كان فالدليل على اشتراط الصحة بها في الجملة بعد الاجماع المدعى ما ذكره بعضهم أن الأصل يقتضي إيجاب النية الفعلية لقيام دليل الكل في الأجزاء إلا أنه لما تعذر ذلك أو تعسر اكتفى بالاستمرار الحكمي، لعدم سقوط الميسور بالمعسور (1) و " ما لا يدرك كله لا يترك كله " (2) ونحو ذلك، وفيه - بعد إمكان منع كون الأصل كذلك، وقوله (عليه السلام) (3): " لا عمل إلا بنية " ونحوه لا دلالة فيه على أزيد من وجوب