لأن قصد المعين يستلزم رفعه، لقوله (صلى الله عليه وآله) (1): " لكل امرئ ما نوى " فرفعه يستلزم رفع غيره، لكون الحدث الأصغر حالة واحدة بسيطة لا تتجزى كما هو الظاهر من الأدلة، فمتى ارتفع أثر واحد منها ارتفع أثر الجميع، فاحتمال عدم الرفع في مثل هذا الوضوء لايجاب قصد رفع حدث غير معين كاحتمال قصر الرفع على خصوص المنوي ضعيفان، سيما الثاني لما عرفت.
ومنه ينقدح أن ذلك ونحوه ليس من التداخل في شئ، لكون الأثر من جميع هذه الأسباب واحدا، وهو الحدث أي الحالة التي يمتنع معها المكلف من الصلاة لا آثار متعددة، إذ ليس هناك حدث بولي وريحي ونومي ونحو ذلك، فمتى ارتفع بالنسبة إلى واحد ارتفع بالنسبة إلى الجميع، فليس من التداخل، لعدم التعدد في سبب الوضوء وإن تعددت أسباب سببه، بل قد يقال: إنه مع وقوعها مترتبة لا سببية بالنسبة إلى الثاني والثالث، وإطلاق السببية عليهما مجاز، ومع وقوعها دفعة فالجميع سبب لا أسباب، لاستناد المنع إلى الجميع دفعة، فهو حدث واحد، فلا أسباب حتى تتداخل مسبباتها.
فما يظهر من بعضهم أن الاكتفاء بوضوء واحد حيث تعدد الموجبات من باب التداخل محل تأمل، اللهم إلا أن يريد ما ذكرنا، مع احتماله أيضا، لظواهر الأخبار الدالة على وجوب الوضوء لكل واحد منها، والاكتفاء بوضوء واحد لها لا يقضي باتحاد السبب، وعدم مشروعية التفريق لو سلم لا يقضي إلا بكون التداخل عزيمة لا رخصة، والأقوى ما قدمناه، فتأمل. ونقل عن العلامة في نهاية الإحكام احتمال البطلان فيما لو نوى حدثا بعينه كما عن أحد وجهي الشافعي، لأنه لم ينو إلا رفع البعض فيبقى الباقي، وهو كاف في المنع من نحو الصلاة، وأنت خبير بما فيه وبما في الوجه الثاني